وإننا نبحث في فلسفة الأحكام لنقف على آثارها وأهميتها، لا لنرى هل ينبغي
العمل بها أم لا؟ فالقضية أشبه بالطبيب الحاذق الذي يقدم بعض الايضاحات لأدوية
معينة، لنقبل عليها ونتفاعل معها، لأنّ استعمالها مشروط بذلك التوضيح، ذلك لأنّه
ينبغي أن نكون أطباء أيضاً.
جدير بالذكر أنّ المراد من دراسة أسرار الأحكام أن تحوك بعض الخيالات لتفسير
بعض الأحكام الشرعية وتزعم أنّ هذه هي فلسفة وأسرار هذا الحكم أو ذاك، كأن نعتبر
الصلاة مثلًا رياضة بدنية وحركات سويدية والأذان وسيلة لتقوية الحبال الصوتية
والصوم كنظام لإضعاف البدن والحج وسيلة لمساعدّة البدو والركوع والسجود رياضة
للعمود الفقري! كلا ليس المراد ذلك؛ ذلك لأنّ هذه الخزعبلات المضحكة لا تشدّ أحداً
إلى الأحكام، بل تدفع لفقدانها قيمتها واعتبارها.