إلهية، و
تتّضح أهمية هذا الدور و الوظيفة للإمامة فيما لو علمنا أن الكثير من الامم و
البلدان التي حققت انتصارات على امم اخرى كبيرة و لكنها عجزت في نفس الوقت عن
التصدّي للثقافة الأجنبية و بالتالي لم تستطع حفظ ثقافتها و دينها و غلبت أخيراً
على أمرها كما هو الحال في هجوم المغول على البلاد الإسلامية و انتصارهم في ميادين
القتال و الحرب على المسلمين إلّا أنهم سرعان ما غُلبوا في مقابل القرآن و الإسلام
و اعتنقوا بذلك الإسلام بل أصبحوا من المدافعين عنه و المروّجين له.
الإمام علي
عليه السلام اهتم بعد رحيل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بهذا الأمر المهم
جدّاً «الثقافة الإسلامية» و شرع بجمع القرآن و أقسم على أن لا يرتدي رداءه و يخرج
من البيت قبل إتمام هذه المهمة إلّا أن يكون خروجه للصلاة [1]،
ثمّ شرع بتعليم و تفسير القرآن الكريم في ناسخه و منسوخه، و محكمه و متشابهه، و
ظاهره و باطنه، إلى أولاده و تلاميذه كالإمام الحسن و الحسين عليهما السلام و ابن
عبّاس و ابن مسعود و أمثالهم كما تعلّمها من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و
ليكون ذلك حصناً ثقافياً للُامّة الإسلامية أمام الغزو الثقافي و العقائدي الذي قد
يتعرض له علماء الإسلام في ظلّ الفتوحات الكثيرة و اختلاط الحضارات و الثقافات
السائدة بين الأقوام البشرية حينذاك و ليأمن حاجة المسلمين الفقهية و الحقوقية من
هذه المعارف الإلهية و يبيّن الاصول العقائدية و الأحكام الفقهية و غيرها من
المسائل الثقافية بأفضل وجه و أحسن صورة للمسلمين.
2- الإمام
علي عليه السلام باب مدينة العلم
و قد ورد في
صحيح الترمذي أن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله قال:
و من المسلّم
أن كلُّ من أراد الدخول في الدار فعليه أن يردها من بابها كما ورد في الآية
الشريفة 189 من سورة البقرة «وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ
أَبْوابِها» و عليه فكلُّ من أراد العلم
[2] صحيح الترمذي: ج 5، ص 637 (نقلًا عن نفحات
القرآن: ج 9) و هناك روايات كثيرة بهذا المضمون، و لكن بما أن الرواية أعلاه ذكرت
كلمة (الحكمة) فقد أوردناها خاصة، و الروايات الاخرى من قبيل «أنا مدينة العلم و
علي بابها» مستفيضة و قد أورد منها في البحار: ج 40، 12 رواية في هذا المعنى.