responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آيات الولاية في القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 348

تلك الحكومة المستبدة و الديكتاتورية، و هذا السياق القرآني يعبّر في الحقيقة عن نظام القيم في حكومة فرعون، و على هذا الأساس فالإنسان الجيّد في نظر فرعون و الفراعنة هو الحاكم و المتسلط على الناس حتّى لو كان متوغلًا في الفساد و الجريمة و الظلم، أما الإنسان السافل و الساقط فهو من يعيش بعيداً عن أجواء السلطة و الحكومة حتّى و لو كان من الناحية الأخلاقية يتّصف بأفضل الصفات و الفضائل الأخلاقية، و لهذا اعترض فرعون على موسى و دعواه النبوّة و الرسالة من اللَّه تعالى و قال:

«فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ» [1] (ليؤيدوا كلامه من كونه مرسل من اللَّه تعالى).

أي أن موسى عليه السلام و طبقاً لرؤية الفراعنة و نظامهم الأخلاقي كان يعيش بعيداً عن أجواء القدرة و الثروة و الحكومة إذن فلا يستحق مقام النبوّة و الرسالة.

و النتيجة هي أن المعيار الأخلاقي في النظام الفرعوني هو القدرة و الثروة و الزينة.

ب: و هناك بعض الأنظمة الأخلاقية في بعض المجتمعات و المذاهب الاخرى تعتبر أن كثرة الأموال و الأولاد و الثروة هي المعيار، كما ورد في الآية الشريفة 35 من سورة سبأ:

«وَ قالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ».

فهؤلاء يعيشون بنظام من القيم الأخلاقية التي تدور حول محور القوى‌ الإنسانية و الاقتصادية، و طبقاً لهذه العقيدة و هذه الرؤية فإنّ الإنسان الجيّد و المحترم هو من يتمتع بأموال كثيرة و ثروة طائلة و أبناء كثيرين و خاصّة إذا كان هؤلاء الأبناء ذكور كما هو حال العرب في زمن الجاهلية حيث كانت العائلة السعيدة هي التي يتوفر فيها كثرة في الأولاد الذكور، لأن ذلك يمنحهم القدرة على القتال و الغارة و عمليّات السلب و النهب أو ينتفع الأب من معونتهم في أعماله الشخصية و الاجتماعية.

و الخلاصة أن مثل هذا النظام الأخلاقي يعتمد بالدرجة الاولى على مبدأ القوّة البشرية و الكثرة في الأموال و الأولاد.


[1] سورة الزخرف: الآية 53.

اسم الکتاب : آيات الولاية في القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 348
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست