و في الحقيقة
فإنّ الصدق لو ساد في المجتمع و كان جميع أفراد المجتمع يتحلّون بهذه الصفة و كان
الرجل و زوجته يعيشان حالة الصدق في البيت، و كذلك الموظفون في الإدارات و الشركاء
في محيط التجارة و الحكّام في دائرة الحكومة و السياسة و الطلاب و التلاميذ في
أجواء المدرسة و الجامعة، و الخلاصة لو كان جميع أفراد المجتمع يتحركون في تعاملهم
و تفاعلهم مع الآخرين من موقع الصدق فإن ذلك بلا شكّ سوف يحلّ الكثير من المشاكل و
التحدّيات التي يواجهها المجتمع البشري.
إنّ جميع
المشاكل و المصاعب تنبع من عدم الصدق في التعامل و في الكلام.
و هذا المعنى
يصدق أيضاً في البعد العالمي للمجتمع البشري، و على سبيل المثال إذا كانت الدول و
الحكومات التي تدّعي حقوق الإنسان صادقة في الاستفادة من هذا العنوان الجميل لكانت
البشرية في عالمنا المعاصر تعيش حالة أفضل بكثير ممّا هي عليه الآن. و لكننا نرى
أن هذا الادعاء قد انحرف عن مسيره فلا نجد معالم الصدق في التعامل بين الدول التي
لا تفكر إلّا بمصالحها الذاتية و على حساب الظلم و الجور و الفساد الفاحش، و على
هذا الأساس فلو أن جاسوساً اسرائيلياً يقدم للمحاكمة في نقطة من العالم فإن صراخ
هؤلاء المدّعون لحقوق الإنسان سيعلو و يطغى على كلّ شيء، و لكن إذا تم سحق الشعب
الفلسطيني و قتل آلاف الأشخاص من أفراد هذا الشعب المظلوم فلا نجد أي اعتراض من
هؤلاء بل مع كثير التعجب و التأسف نجدهم يقدّمون معالم التأييد السياسي و
الاقتصادي و العسكري إلى الظالم على حساب المظلوم.