الثاني: أنّها من باب الرواية،
بمعنى أنّ الأدلّة الدالّة على جواز العمل بالخبر- من حيث هو من الآيات و نحوها-
دلّت على جواز العمل به فيها أيضا، للإطلاق و نحوه، مع كفاية الواحد في أصل
الرواية فلا يزيد فرعه، و هو التزكية[1].
الثالث:
أنّها من باب الظنون الاجتهاديّة، و هو المعتمد، لعدم إمكان الشهادة، فإنّ الشهادة
إخبار جازم. و هذا غير ممكن التحقّق بالنسبة إلى الرواة، لاقتضائه إدراك الشاهد
لهم، و هذا غير واقع بالنسبة إلى من كان سابقا في أزمنة كثيرة كزرارة و أمثاله[2].
و
ما كتب في كتب الرجال ليس من باب الشهادة، لأنّه نقش، و الشهادة لا بدّ أن تكون من
باب اللفظ، مع أنّ أكثره من باب فرع الفرع بل فرع فرع الفرع، فليس معتبرا.
و
لو سلّم الإمكان فلا دليل على اعتبار الشهادة على سبيل الكلّيّة الشاملة للمقام،
إذ لا عموم من الكتاب و السنّة و لا من غيرهما على وجه الاطمئنان سيّما شهادة
الفرع، مضافا إلى أنّها لو تحقّقت و سلّمنا حجّيّتها فلا تسمن و لا تغني من جوع،
لندرتها و عدم وفائها في رفع الحاجة كما لا يخفى على المتأمّل.
أمّا
الرواية ففيها أوّلا: أنّها أيضا غير متحقّقة، للزوم كونها من باب اللفظ، و هو غير
واقع، و الواقع ليس إلا النقش، و هو غير نافع.
[1] . نسب ذلك الى المحقّق البهايي رحمه اللّه. زبدة
الأصول: 70. و راجع مشرق الشمسين: 46- 47.
[2] . و قد اختار ذلك صاحب الجواهر و نسبه الى الوحيد
البهبهاني في شرح المفاتيح أيضا.
راجع جواهر الكلام: 4/ 252؛ 6/
275؛ 23/ 105. و ذهب اليه المحقّق القمي رحمه اللّه و صاحب الفصول رحمه اللّه
أيضا. الفصول الغروية: 302؛ قوانين الأصول: 1/ 477. بل نسب الى المشهور.