الوزّان في محرّم سنة ستّ وتسعين وخمسمائة قال : أورد صاحب كتاب تاريخ نيشابور في كتابه : أنّ عليّ بن موسى الرضا عليه السلام لمّا دخل إلى نيشابور في السفرة الّتي فاز [۱] فيها بفضيلة الشهادة كان في قبّة مستورة بالسقلاط [۲] على بغلة شهباء وقد شقّ نيشابور ، فعرض له الإمامان الحافظان للأحاديث النبوية والمثابران [۳] على السنّة المحمّدية أبو زرعة الرازي [۴] ومحمّد بن أسلم الطوسي [۵] ومعهما خلائق لايُحصون من طلبة العلم وأهل الأحاديث وأهل الرواية والدراية ، فقالا : أيّها السيّد الجليل ابن السادة الأئمّة بحقّ آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلاّ ما أريتنا وجهك الميمون المبارك ورويتَ لنا حديثا عن آبائك عن جدّك محمّد صلى الله عليه و آلهنذكرك به . فاستوقف البغلة وأمر غلمانه بكشف المظلّة عن القبّة وأقرّ عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة ، فكانت له ذؤابتان على عاتقه والناس كلّهم قيام على طبقاتهم ينظرون إليه وهم بين صارخٍ وباكٍ ومتمرّغٍ في التراب ومقبلٍ لحافر [۶] بغلته ، وعلا الضجيج فصاحت الأئمّة والعلماء والفقهاء : معاشر الناس اسمعوا وعوا وانصتو لسماع ماينفعكم ولاتؤذونا بكثرة صراخكم وبكائكم . وكان المستملي أبوزرعة
[۴] هو أبوزرعة عبيداللّه بن عبدالكريم بن يزيد بن فروخ المخزومي بالولاء الرازي ، من أئمة الحديث ، زار بغداد وحدّث بها وكان يحفظ مائة ألف حديث ، توفي بالري سنة (۲۶۴ ه) . انظر تذكرة الحفّاظ : ۲ / ۱۲۴ ، تاريخ بغداد : ۱۰ / ۳۲۶ ، الأعلام للزرگلي : ۴ / ۳۵۰ .
[۵] هو أبو الحسن محمّد بن أسلم بن يزيد الكندي ، مولاهم الطوسي ، من حفّاظ الحديث المشهورين ، وقد اشتهر بالصلاح ، توفي سنة (۲۴۲ ه) . انظر تذكرة الحفّاظ : ۲ / ۱۰۳ ، حلية الاولياء : ۹ / ۲۳۸ ، شذرات الذهب : ۲ / ۱۰۰ .