إذا
عرفت هذا، فاعلم أنّ وصف جماعة من الأصحاب كثيرا من الروايات بالصحّة من هذا
القبيل؛ لأنّه في الحقيقة شهادة بتعديل [رواتها]، و هو بمجرّده غير كاف في جواز
العمل بالحديث، بل لابدّ من مراجعة السند و النظر في حال الرواة؛ ليؤمن من معارضة
الجرح. و هو مقتضى مقالة من ينكر حجّيّة الظنّ الحاصل من الجرح و التعديل قبل
الفحص[1].
و
جرى السيّد الداماد على القول بذلك؛ تمسّكا بأنّه يمكن أن يكون التصحيح من
العلّامة و أمثاله بناء على ما ترجّح عندهم في أمر كلّ من الرواة من جهة الاجتهاد،
فلا يكون حكمهم حجّة على مجتهد آخر[2].
و مقتضى
مقالة من قال بجواز العمل بالجرح و التعديل قبل الفحص- كسيّدنا- هو القول هنا أيضا
بالجواز.
و
مقتضى مقالة السيّد السند المحسن الكاظمي- من التفصيل بين صورة الظنّ بالخلاف و
غيرها بوجوب الفحص في الأوّل، و عدمه في الثاني[3]-
هو التفصيل هنا بين صورة الظنّ بعدم الصحّة و غيرها، بالجواز في الثاني، دون
الأوّل.
و
يظهر تحقيق الحال بما تقدّم من الكلام في جواز العمل بالجرح و التعديل قبل الفحص.
و
أمّا ما تمسّك به السيّد الداماد فمقتضاه عدم اعتبار التصحيح و لو بعد الفحص، بل
هو مقتضى صريح كلامه.
أقول:
إنّ حجّيّة ظنّ العلّامة و أمثاله للمصحّح له من جهة حجّيّة الظنّ الناشئ من الظنّ
المذكور، و تظهر حجّيّته بما تقدّم للمصحّح له.