responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسائل الرجالية المؤلف : الكلباسي، أبو المعالي    الجزء : 1  صفحة : 225

خاتمة

و العصر إنّ الإنسان لفى خسران و لعمري يعجز بنان البيان و تبيان البيان عن تشريح ما فيه من الطغيان، و ناهيك في شرح حاله آيات القرآن، و كأنّه نار، و كلّ شعرة من شعارها شرارة من النار، و كلّ نفس من أنفاسه على شعار الشعار، و لو لم يكن في هذه النشأة إلّا المعاشرة مع شرّ الأشرار لكفى في البلاء و الابتلاء بربّ البراري و البحار، كيف و قد قال اللّه سبحانه: وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَ تَصْبِرُونَ‌[1] و الفتنة المجعولة من جانب اللّه سبحانه غير محتاجه إلى شرح الحال.

و لا يتفطّن بما ذكرناه في الميزان هذا الحيوان إلّا من شرب كأسا كاملا من المعرفة و الفرقان و بالغ في التأمّل في ميدان الميزان صديقه عدوّ الدوران، فكيف ظنّك بعدوّ البنيان، إنّ الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض إلّا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قليل مّا هم، إذا نظرت أنّ حاله مع اللّه سبحانه بحيث إذا مسّه الضرّ يدعوه بجنبه أو قائما أو قاعدا، فلمّا كشف عنه ضرّه مرّ كأن لم يدع الضرّ مسّه و إذا مسّه الضرّ في البحر ضلّ من يدعوه إلّا إيّاه، فلمّا نجّاه إلى البرّ أعرض، لصرت مأيوسا من حبّه، و ليس بروز الحبّ منه إلّا من جانب اللّه سبحانه من باب فوق المعتاد في الأيّام، كجعل النار من باب البرد و السلام.

الظلم من شيم الرجال و إن تجد

ذا عفّة فلعلّة لا يظلم‌

لو خبّرتهم جوزاء خبري‌

لما طلعت مخافة أن تكادا

هم الذباب تحت الثياب فلا

تكن على أحد منهم بمعتمد

لا تركننّ إلى قوم تعلمهم‌

فكلّهم مبغض في زيّ أحباب‌

و كيف يسوغ توقّع الحبّ منه! و هو من باب البلاء و الابتلاء كما سمعت، بل‌


[1] . الفرقان( 25): 20.

اسم الکتاب : الرسائل الرجالية المؤلف : الكلباسي، أبو المعالي    الجزء : 1  صفحة : 225
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست