فخرج بالتعريف ما عدا المعرّف حتّى علم الدراية الذي هو أشدّ لصوقاً بذلك العلم من غيره؛ فإنّه العلم الباحث عن سند الحديث ومتنه وكيفيّة تحمّله وآداب نقله، وذلك لأنّ قولنا في هذا التعريف: «عن سند الحديث» وإن كان يوهم اندراج علمنا في علم الدراية لكنّ الفرق بينهما واضح؛ فإنّ في قولنا: «هذا الحديث ممّا سلسلة سنده ثقات، وكلّ ما كان كذلك فهو صحيح» مثلًا، يعرف صغراه بعلمنا وكبراه بعلم الدراية، فهما مشترِكان في البحث عن السند ومفترِقان من حيث كون البحث في كلٍّ منهما من جهةٍ تخالف الآخر.
وربما يعرّف ب «علمٍ يعرف به أحوال الخبر الواحد صحّةً وضعفاً وما في حكمهما بمعرفةسنده وسلسلة رواتهذاتاً ووصفاً، مدحاً وقدحاً وما في معناهما.»[1] وأنت خبير بأنّ المرتبط بالمقام هو الجزء الأخير منه، فلا حاجة إلى زيادة الجزء الأوّل حتّى يندرج في التعريف علم الدراية فتقعَ الحاجة إلى إخراجه بالجزء الأخير، مضافاً إلى التأمّل في كونه مخرجاً؛ فإنّ هذين العلمين متعانقان، فمن يحتاج إلى معرفة كون الخبر صحيحاً بعلم الدراية والحكمِ عليه بالصحّة يحتاج إلى إثبات الصغرى حتّى يرتّب عليها الكبرى، فيصدقَ عليه بعد ذلك أنّه عارف بصحّة الخبر بسبب معرفة السند.
فتطبيق هذا التعريف على علم الدراية أظهرُ من تطبيقه على علم الرجال؛ فتدبّر.
ثمّ إنّ الخبرَ في مصطلح أصحابنا عبارة عمّا انتهى إلى المعصوم كما صرّح به القوم، والواحدَ في مقابل المتواتر.
فيرد أمران:
الأوّل: أنّ المعلوم بهذا العلم رجال السند، سواء انتهى إلى المعصوم