يعرّفون الصحيح ب «ما اتّصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله وسلم عن شذوذ وعلّة» ولعدم اعتبارهم الإماميّةَ في التعريف كثرت أحاديثهم الصحيحة، وقلّت أحاديثنا الصحيحة. ولاسيّما بعد ملاحظة اكتفائهم في العدالة بعدم ظهور الفسق والبناء على ظاهر حال المسلم؛ فإنّه عليه جميع الأخبار الحسنة والموثّقة عندنا صحيحة عندهم، فاندفع التعيير[1] الذي دعا إليه قلّةُ إدراكهم وعدمُ استضاءتهم بالنور.
واحترزوا بالقيد الأخير[2] عمّا رواه الثقة مع مخالفته ما روى الناس- كما ستعرفه في تعريف الثاني- فلا يكون صحيحاً عندهم، وكذا الحديث الذي كان فيه أسباب خفيّة قادحة يستخرجها الماهر. وإلى ما ذكرنا في تعريف الصحيح يرجع ما عرّفه به في الذكرى من أنّه «ما اتّصلت رواته إلى المعصوم بعدل إمامي»[3]؛ فإنّ الغرض منه اتّصال الرواة من بدو السند إلى الوصول إلى المعصوم من دون طروّ قطع أو إرسال، وكان ذلك الإتّصال في الرواة برواية عدل إمامي عن مثله.
فلا يرد عليه ما أورده الشهيد الثاني من أنّ اتّصاله بالعدل المذكور لا يلزم أن يكون في جميع الطبقات بحسب إطلاق اللفظ[4]؛ وذلك لأنّه لو لم يكن الاتّصال في الجميع، لم يصدق اتّصال كلّ واحد من الرواة[5] بعدل كما لا يخفى.
هذا هو المعنى المتبادر من لفظ الصحيح في مصطلح أهل الدراية.
وقد يطلق على سليم الطريق من الطعن وإن اعتراه إرسال أو قطع، كقولهم: روى
[1]. حيث قالوا: إنّ أحاديثنا الصحاحَ كثيرة وأحاديثَكم الصحاحَ قليلة« منه».