responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الضعفاء من رجال الحديث المؤلف : الساعدي، حسين    الجزء : 3  صفحة : 21

وهي دلالة على المسمّى‌ وذلك أنّ الإنسان وإن قيل واحد فإنّه يخبر أنّه جثة واحدة وليس باثنين، والإنسان نفسه ليس بواحد؛ لأنّ أعضاءه مختلفة، وألوانه مختلفة غير واحدة، وهو أجزاء مجزأة ليس سواء دمه غير لحمه، ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه، وشعره غير بشره. وسواده غير بياضه، وكذلك سائر جميع الخلق، فالإنسان واحد في الاسم، لا واحد في المعنى، واللَّه- جل جلاله- واحد لا واحد غيره، ولا اختلاف فيه، ولا تفاوت، ولا زيادة، ولا نقصان، فأمّا الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف فمن أجزاء مختلفة وجواهر شتى غير أنّه بالاجتماع شي‌ء واحد.

قلت: فقولك: اللطيف فسره لي، فإنّي أعلم أنّ لطفه خلاف لطف غيره للفصل، غير أنّي أحب أن تشرح لي.

فقال: يا فتح، إنّما قلت: اللطيف للخلق اللطيف ولعلمه بالشي‌ء اللطيف، ألاترى إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف، وفي الخلق اللطيف من أجسام الحيوان من الجرجس والبعوض وما هو أصغر منهما ممّا لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأُثنى، والمولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسفاد والهرب من الموت والجمع لما يصلحه بما في لجج البحار، وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفاز، وإفهام بعضها عن بعض منطقها وما تفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة، وبياض مع حمرة علمنا أنّ خالق هذا الخلق لطيف، وأنّ كلّ صانع شي‌ء فمن شي‌ء صنع، واللَّه الخالق اللطيف الجليل خلق و صنع لا من شي‌ء.

قلت:- جعلت فداك!- وغير الخالق الجليل خالق؟

قال: إن اللَّه- تبارك وتعالى- يقول: «فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ»[1] فقد أخبر أنّ في عباده خالقين منهم عيسى بن مريم، خلق من الطين كهيئة الطير بإذن اللَّه فنفخ فيه فصار طائراً بإذن اللَّه، والسامري خلق لهم عجلًا جسداً له خوار.

قلت: إن عيسى خلق من الطين طيراً دليلًا على نبوته، والسامري خلق عجلًا


[1]. المؤمنون: 14.

اسم الکتاب : الضعفاء من رجال الحديث المؤلف : الساعدي، حسين    الجزء : 3  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست