هذا ما اشير إليه في قوله تعالى في سورة الروم: «هَلْ لَكُمْ
مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ
فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ
الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»[1].
وبالجملة، إنّ كلّاً من
فردي التفويض يستلزم أن يكون العبد مضافاً إلى اللَّه وفي سلطنته.
بيان ذلك أمّا في
التفويض الأوّل، وهو إقداره تعالى عبداً على شيء بحيث لا يقدر تعالى عن هذا على
ما يصرف ذلك العبد عن اختيار ما اختاره من الفعل أو الترك إلى اختيار ضدّه غفولًا
عن قوله تعالى في سورة الكهف: «وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ
ذلِكَ غَداً* إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ»[2] وقوله تعالى في
سورة لقمان: «وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً»[3].
قال: فالناس مجبورون. [ص
161 ح 2]
أقول: توهّم البصري من
نفي تعلّق الاستطاعة بكلّ من الفعل والترك لزوم نفي تعلّق القدرة بكلّ منهما،
فيلزم الجبر لخفاء الواسعة، ولما نفاه عليه السلام توهّم منه البصري التفويض إليهم
فنفاه، ولم يذكر عليه دليلًا اكتفاءً بما مرّ من قوله عليه السلام: «لأنّ اللَّه
عزّوجلّ أعزّ» فعرف أنّ بينهما واسطة.
قال عليه السلام: علم.
[ص 161 ح 2]
أقول: على صيغة المعلوم،
وفاعله هو اللَّه.
قوله: «منهم فعلًا»
أيعلم اللَّه تعالى من المكلّفين أنّهم يختارون فعل كذا إذا جعل فيهم أمر كذا،
فيصير الأمر آلة لفعلهم بدون أن يكونوا مجبورين ولا مفوّضين.