وبالجملة، إنّ المخالفين
لما رأوا جلالة قدر هؤلاء الأصحاب، فنسبوا إليهم ما توهّموه ترويجاً لظنّهم
الفاسد، فيدلّ ذلك على جلالة قدرهم، فلا يقدح فيهم.
قال عليه السلام:
فتوهّموا. [ص 101 ح 3]
أقول: أياعلموا أنّ
اللَّه غيره.
قال عليه السلام: النمط
الأوسط. [ص 101 ح 3]
أقول: النمط: جماعة من
الناس أمرهم واحد. وفي الحديث: «خير هذه الامّة النمط الأوسط يلحق بهم التالي،
ويرجع إليهم الغالي»[2].
قال عليه السلام: لا
يدركنا الغالي. [ص 101 ح 3]
أقول: هذا شكاية بأنّ
الامّة مأمورون غاليهم بالرجوع إلى النمط الأوسط، وتاليهم باللحوق. وبالجملة، نحن
النمط الأوسط الذي لا يدركنا الغالي أيلا يرجع إلينا، فيدركنا، ولا يسبق إلينا
التالي على صيغة الحذف والإيصال أيحَذَف «إلي» هنا وأوصل الفعل بنفسه للازدواج مع
«يدركنا»، واختار ضمير المتكلّم هاهنا بدلًا عن العائد إلى «الذي» رعايةً لجانب
المعنى؛ فإنّ لفظ «الذي» وإن كان مفرداً وغائباً لكنّ المراد به جماعةٌ أحدهم
المتكلّم.
ولعلّ فيه التفاتاً من
الغيبة إلى التكلّم، كما قيل فيما نقل عن فاتح الأوصياء عليهم السلام: «أنا الذي
سمّتني امّي حيدره[3]»، إنّه
كذلك.
قال عليه السلام: يا
محمّد. [ص 101 ح 3]
أقول: لما أبطل اعتقاد
الجاهلين باللَّه من المخالفين، أراد أن لا يكذب لفظَ الرواية
[1]. كذا. والصحيح:« ترويجٌ» على أنّه خبر لقوله:«
نسبة».
[2]. الأمالي للمفيد، ص 5، باختلاف يسير؛ المصنّف
لابن أبي شيبة، ج 8، ص 155، ح 4.
[3]. في المخطوطة:« حيدر». الإرشاد، ج 2، ص 127؛
الأمالي للطوسي، ص 4، المجلس 1، ضمن ح 2؛ صحيح مسلم، ج 5، ص 195.