أقول: المعاناة: تحمّل التعب في فعل. والمراد بها هاهنا أن
يكون فعله بكيفيّة وقوّة موجودة في نفسها قائمةٍ بذاته تعالى. وقوله: «بنفسه»
أيكون فعله بمباشرة ومعالجة توهّماً من السائل. والمراد من المعالجة قوّة موجودة
في الخارج قائمة به. وأصل المباشرة الملابسة، وأصل المعالجة فعل البدن. وقد بان
أمر التوحيد في فعله حيث لا شريك له من المباشرة والمعالجة.
[باب أنّه لا يعرف
إلّابه]
قال عليه السلام: باب
أنّه لا يعرف إلّابه. [ص 85]
أقول: ذلك بنصب أدلّة
دالّة على وجود تعالى كما في سورة الأعراف: «أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ
السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ»[1] أينظروا
وعرفوا من دون بيان أحد. نعم لمعرفة اللَّه مرتبة اخرى فوق ما هو حاصل لكلّ عاقل،
وهي أن لا يوصف تعالى بغير ما وصف به نفسه، وهو مكلّف به.
وما في كتاب التوحيد
للصدوق في باب أنّه عزّوجلّ لا يعرف إلّابه بعد نقل هذا المعنى عن بعض أهل الكتاب
من الاعتراض بأنّه يلزم أن يكون العارف باللَّه بدون بيان أحد نبيّاً وحجّةً على
نفسه ظاهر الاندفاع[2].
قال عليه السلام: اعرفوا
اللَّه باللَّه. [ص 85 ح 1]
أقول: يعني بما دلّكم به
على نفسه من الآيات العجيبة. وقوله: «اعرفوا» وهو أمر في معنى الخبر كقولك لما
رأيته من بعيد وهو يؤمّك: كن زيداً.
قال عليه السلام:
بالرسالة. [ص 85 ح 1]
أقول: أيبما يكون مع
كلّ رسول من خارق العادة الدالّة على كونه رسولًا من مرسله.