responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حكمت نامه امام حسين المؤلف : محمدی ری‌شهری، محمد    الجزء : 1  صفحة : 562

10/ 27

دُعاءُ الشّابِّ المَأخوذِ بِذَنبِهِ‌

424. مهج الدعوات: مَروِيٌّ عَنِ مَولانَا الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام الدُّعاءُ المَعروفُ بِدُعاءِ الشّابِّ المَأخوذِ بِذَنبِهِ، و ما رُوِيَ عَن جَماعَةٍ يُسنِدونَ الحَديثَ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام قالَ:

كُنتُ مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام فِي الطَّوافِ في لَيلَةٍ دَيجوجِيَّةٍ[1] قَليلَةِ النّورِ، و قَد خَلَا الطَّوافُ، و نامَ الزُّوّارُ، و هَدَأَتِ العُيونُ، إذ سَمِعَ مُستَغيثا مُستَجيرا مُتَرَحِّما[2]، بِصَوتٍ حَزينٍ مَحزونٍ مِن قَلبٍ موجَعٍ، و هُوَ يَقولُ:

يا مَن يُجيبُ دُعَا المُضطَرِّ فِي الظُّلَمِ‌

يا كاشِفَ الضُّرِّ وَ البَلوى مَعَ السَّقَمِ‌

قَد نامَ وَفدُكَ حَولَ البَيتِ وَ انتَبَهوا

يَدعو! و عَينُكَ يا قَيّومُ لَم تَنَمِ‌

هَب لي بِجودِكَ فَضلَ العَفوِ عَن جُرُمي‌

يا مَن أشارَ إلَيهِ الخَلقُ فِي الحَرَمِ‌

إن كانَ عَفوُكَ لا يَلقاهُ ذو سَرَفٍ‌[3]

فَمَن يَجودُ عَلَى العاصينَ بِالنِّعَمِ‌

قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام: فَقالَ لي: يا أبا عَبدِ اللّهِ، أ سَمِعتَ المُنادِيَ ذَنبَهُ، المُستَغيثَ رَبَّهُ؟ فَقُلتُ: نَعَم، قَد سَمِعتُهُ.

فَقالَ: اعتَبِرهُ‌[4] عَسى [أن‌][5] تَراهُ.

فَما زِلتُ أخبِطُ في طَخياءِ الظَّلامِ، و أتَخَلَّلُ بَينَ النِّيامِ، فَلَمّا صِرتُ بَينَ الرُّكنِ وَ المَقامِ، بَدا لي شَخصٌ مُنتَصِبٌ، فَتَأَمَّلتُهُ فَإِذا هُوَ قائِمٌ، فَقُلتُ:

السَّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا العَبدُ المُقِرُّ المُستَقيلُ، المُستَغفِرُ المُستَجيرُ، أجِب بِاللّهِ ابنَ عَمِّ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله.

فَأَسرَعَ في سُجودِهِ و قُعودِهِ و سَلَّمَ، فَلَم يَتَكَلَّم حَتّى أشارَ بِيَدِهِ بِأَن تَقَدَّمني، فَتَقَدَّمتُهُ، فَأَتَيتُ بِهِ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقُلتُ: دونَكَ ها هُوَ!

فَنَظَرَ إلَيهِ، فَإِذا هُوَ شابٌّ حَسَنُ الوَجهِ، نَقِيُّ الثِّيابِ، فَقالَ لَهُ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟

فَقالَ لَهُ: مِن بَعضِ العَرَبِ.

فَقالَ لَهُ: ما حالُكَ، و مِمَّ بُكاؤُكَ وَ استِغاثَتُكَ؟

فَقالَ: حالُ مَن اوخِذَ بِالعُقوقِ فَهُوَ في ضيقٍ، ارتَهَنَهُ المُصابُ، و غَمَرَهُ الاكتِئابُ فَارتابَ‌[6]، فَدُعاؤُهُ لا يُستَجابُ.

فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام: و لِمَ ذلِكَ؟

فَقالَ: لِأَنّي كُنتُ مُلتَهِيا فِي العَرَبِ بِاللَّعبِ وَ الطَّرَبِ، اديمُ العِصيانَ في رَجَبٍ و شَعبانَ، و ما اراقِبُ الرَّحمنَ، و كانَ لي والِدٌ شَفيقٌ يُحَذِّرُني مَصارِعَ الحَدَثانِ‌[7]، و يُخَوِّفُنِي العِقابَ بِالنّيرانِ، و يَقولُ: كَم ضَجَّ مِنكَ النَّهارُ وَ الظَّلامُ، وَ اللَّيالي وَ الأَيّامُ، وَ الشُّهورُ وَ الأَعوامُ، وَ المَلائِكَةُ الكِرامُ. و كانَ إذا ألَحَّ عَلَيَّ بِالوَعظِ زَجَرتُهُ وَ انتَهَرتُهُ، و وَثَبتُ عَلَيهِ و ضَرَبتُهُ.

فَعَمَدتُ يَوما إلى شَي‌ءٍ مِنَ الوَرِقِ‌[8] و كانَت فِي الخِباءِ، فَذَهَبتُ لِاخُذَها

و أصرِفَها فيما كُنتُ عَلَيهِ، فَمانَعَني عَن أخذِها، فَأَوجَعتُهُ ضَربا و لَوَيتُ يَدَهُ، و أخَذتُها و مَضَيتُ.

فَأَومَأَ بِيَدِهِ إلى رُكبَتَيهِ يَرومُ النُّهوضَ مِن مَكانِهِ ذلِكَ، فَلَم يُطِق يُحَرِّكُها مِن شِدَّةِ الوَجَعِ وَ الأَلَمِ، فَأَنشَأَ يَقولُ:

جَرَت رَحِمٌ بَيني و بَينَ مُنازِلٍ‌

سَواءً كَما يَستَنزِلُ القَطرَ طالِبُه‌

و رَبَّيتُ حَتّى صارَ جَلدا شَمَردَلًا[9]

إذا قامَ ساوى غارِبَ‌[10] الفَحلِ غارِبُه‌

و قَد كُنتُ اوتيهِ مِنَ الزّادِ فِي الصِّبا

إذا جاعَ مِنهُ صَفوُهُ و أطايِبُه‌

فَلَمَّا استَوى في عُنفُوانِ شَبابِهِ‌

و أصبَحَ كَالرُّمحِ الرُّدَينِيِ‌[11] خاطِبُه‌

تَهَضَّمَني مالي كَذا و لَوى يَدي‌

لَوى يَدَهُ اللّهُ الَّذي هُوَ غالِبُه‌

ثُمَّ حَلَفَ بِاللّهِ لَيَقدَمَنَّ إلى بَيتِ اللّهِ الحَرامِ، فَيَستَعدِي اللّهَ عَلَيَّ.

قالَ: فَصامَ أسابيعَ، و صَلّى رَكَعاتٍ، و دَعا، و خَرَجَ مُتَوَجِّها عَلى عَيرانَةٍ[12]، يَقطَعُ بِالسَّيرِ عَرضَ الفَلاةِ، و يَطوِي الأَودِيَةَ و يَعلُو الجِبالَ، حَتّى قَدِمَ مَكَّةَ يَومَ الحَجِّ الأَكبَرِ، فَنَزَلَ عَن راحِلَتِهِ، و أقبَلَ إلى بَيتِ اللّهِ الحَرامِ، فَسَعى و طافَ بِهِ، و تَعَلَّقَ بِأَستارِهِ، وَ ابتَهَلَ، و أنشَأَ يَقولُ:

يا مَن إلَيهِ أتَى الحُجّاجُ بِالجَهَدِ

فَوقَ المَهاوي‌[13] مِنَ اقصى غايَةِ البُعدِ

إنّي أتَيتُكَ يا مَن لا يُخَيِّبُ مَن‌

يَدعوهُ مُبتَهِلًا بِالواحِدِ الصَّمَدِ

هذا مُنازِلُ لا يَرتاعُ مِن عققي‌

فَخُذ بِحَقّي يا جَبّارُ مِن وَلَدي‌

حَتّى تُشِلَّ بِعَونٍ مِنكَ جانِبَهُ‌

يا مَن تَقَدَّسَ لَم يولَد و لَم يَلِدِ

قالَ: فَوَ الَّذي سَمَكَ‌[14] السَّماءَ، و أنبَعَ الماءَ، مَا استَتَمَّ دُعاءَهُ حَتّى نَزَلَ بي ما تَرى ثُمَّ كَشَفَ عَن يَمينِهِ، فَإِذا بِجانِبِهِ قَد شَلَّ فَأَنَا مُنذُ ثَلاثِ سِنينَ أطلُبُ إلَيهِ أن يَدعُوَ لي‌[15] فِي المَوضِعِ الَّذي دَعا بِهِ عَلَيَّ، فَلَم يُجِبني، حَتّى إذا كانَ العامُ، أنعَمَ عَلَيَّ فَخَرَجتُ [بِهِ‌][16] عَلى ناقَةٍ عُشَراءَ[17] اجِدُّ السَّيرَ حَثيثا رَجاءَ العافِيَةِ، حَتّى إذا كُنّا عَلَى الأَراكِ‌[18]، و حَطمَةِ[19] وادِي السِّياكِ‌[20] نَفَرَ طائِرٌ فِي اللَّيلِ، فَنَفَرَت مِنهُ النّاقَةُ الَّتي كانَ عَلَيها، فَأَلقَتهُ إلى قَرارِ الوادي، وَ ارفَضَّ بَينَ الحَجَرَينِ، فَقَبَرتُهُ هُناكَ، و أعظَمُ مِن ذلِكَ أنّي لا اعرَفُ إلَّا «المَأخوذَ بِدَعوَةِ أبيهِ»!

فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام: أتاكَ الغَوثُ، أ لا اعَلِّمُكَ دُعاءً عَلَّمَنيهِ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله، و فيهِ اسمُ اللّهِ الأَكبَرُ الأَعظَمُ، العَزيزُ الأَكرَمُ، الَّذي يُجيبُ بِهِ مَن دَعاهُ، و يُعطي بِهِ‌

مَن سَأَلَهُ، و يُفَرِّجُ [بِهِ‌][21] الهَمَّ، و يَكشِفُ بِهِ الكَربَ، و يُذهِبُ بِهِ الغَمَّ، و يُبرِئُ بِهِ السُّقمَ، و يَجبُرُ بِهِ الكَسيرَ، و يُغني بِهِ الفَقيرَ، و يَقضي بِهِ الدَّينَ، و يَرُدُّ بِهِ العَينَ، و يَغفِرُ بِهِ الذُّنوبَ، و يَستُرُ بِهِ العُيوبَ، و يُؤمِنُ بِهِ كُلَّ خائِفٍ مِن شَيطانٍ مَريدٍ، و جَبّارٍ عَنيدٍ! و لَو دَعا بِهِ طائِعٌ للّهِ عَلى جَبَلٍ لَزالَ مِن مَكانِهِ، أو عَلى مَيِّتٍ لَأَحياهُ اللّهُ بَعدَ مَوتِهِ، و لَو دَعا بِهِ عَلَى الماءِ لَمَشى عَلَيهِ بَعدَ أن لا يَدخُلَهُ العُجبُ.

فَاتَّقِ اللّهَ أيُّهَا الرَّجُلُ، فَقَد أدرَكَتنِي الرَّحمَةُ لَكَ، وَ ليَعلَمِ اللّهُ مِنكَ صِدقَ النِّيَّةِ أنَّكَ لا تَدعو بِهِ في مَعصِيَتِهِ، و لا تُفيدُهُ إلَّا الثِّقَةَ في دينِكَ، فَإِن أخلَصتَ النِّيَّةَ استَجابَ اللّهُ لَكَ، و رَأَيتَ نَبِيَّكَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله في مَنامِكَ، يُبَشِّرُكَ بِالجَنَّةِ وَ الإِجابَةِ.

قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام: فَكانَ سُروري بِفائِدَةِ الدُّعاءِ أشَدَّ مِن سُرورِ الرَّجُلِ بِعافِيَتِهِ و ما نَزَلَ بِهِ؛ لِأَنَّني لَم أكُن سَمِعتُهُ مِنهُ، و لا عَرَفتُ هذَا الدُّعاءَ قَبلَ ذلِكَ.

ثُمَّ قالَ: ايتِني بِدَواةٍ و بَياضٍ، وَ اكتُب ما امليهِ عَلَيكَ. فَفَعَلتُ، و هُوَ:

«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا ذَا الجَلالِ وَ الإِكرامِ، يا حَيُّ يا قَيّومُ، يا حَيُّ لا إلهَ إلّا أنتَ، يا مَن لا يَعلَمُ ما هُوَ و لا أينَ هُوَ و لا حَيثُ هُوَ و لا كَيفَ هُوَ إلّا هُوَ، يا ذَا المُلكِ وَ المَلَكوتِ، يا ذَا العِزَّةِ وَ الجَبَروتِ، يا مَلِكُ يا قُدّوسُ، يا سَلامُ يا مُؤمِنُ يا مُهَيمِنُ، يا عَزيزُ يا جَبّارُ يا مُتَكَبِّرُ، يا خالِقُ يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ، يا مُفيدُ، يا وَدودُ يا مَحمودُ يا مَعبودُ، يا بَعيدُ يا قَريبُ يا مُجيبُ، يا رَقيبُ يا حَسيبُ، يا بَديعُ يا رَفيعُ، يا مَنيعُ يا سَميعُ، يا عَليمُ يا حَكيمُ، يا كَريمُ يا قائِمُ يا دائِمُ يا عالِمُ يا قَديمُ‌[22].

يا عَلِيُّ يا عَظيمُ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ، يا دَيّانُ‌[23] يا مُستَعانُ، يا جَليلُ يا جَميلُ، يا وَكيلُ يا كَفيلُ، يا مُقيلُ يا مُنيلُ، يا نَبيلُ يا دَليلُ، يا هادي، يا بادي، يا أوَّلُ يا آخِرُ، يا ظاهِرُ يا باطِنُ، يا حاكِمُ يا قاضي، يا عادِلُ يا فاضِلُ، يا واصِلُ يا طاهِرُ يا مُطَهِّرُ، يا قادِرُ يا مُقتَدِرُ، يا كَبيرُ يا مُتَكَبِّرُ.

يا واحِدُ يا أحَدُ يا صَمَدُ، يا مَن لَم يَلِد و لَم يولَد و لَم يَكُن لَهُ كُفُوا أحَدٌ، و لَم يَكُن لَهُ صاحِبَةٌ و لا كانَ مَعَهُ وَزيرٌ، و لَا اتَّخَذَ مَعَهُ مُشيرا، و لَا احتاجَ إلى ظَهيرٍ، و لا كانَ مَعَهُ إلهٌ، لا إلهَ إلّا أنتَ فَتَعالَيتَ عَمّا يَقولُ الجاحِدونَ (الظّالِمونَ خ ل) عُلُوّا كَبيرا.

يا عالِمُ يا شامِخُ‌[24] يا باذِخُ‌[25]، يا فَتّاحُ يا مُرتاحُ يا مُفَرِّجُ، يا ناصِرُ يا مُنتَصِرُ، يا مُهلِكُ (مُدرِكُ خ ل) يا مُنتَقِمُ، يا باعِثُ يا وارِثُ، يا أوَّلُ يا طالِبُ يا غالِبُ، يا مَن لا يَفوتُهُ هارِبٌ، يا تَوّابُ يا أوّابُ يا وَهّابُ، يا مُسَبِّبَ الأَسبابِ، يا مُفَتِّحَ الأَبوابِ، يا مَن حَيثُ ما دُعِيَ أجابَ، يا طَهورُ يا شَكورُ، يا عَفُوُّ يا غَفورُ، يا نورَ النَّورِ، يا مُدَبِّرَ الامورِ، يا لَطيفُ يا خَبيرُ، يا مُتَجَبِّرُ يا مُنيرُ، يا بَصيرُ يا ظَهيرُ، يا كَبيرُ يا وَترُ، يا فَردُ يا صَمَدُ، يا سَنَدُ يا كافي، يا مُحِسنُ يا مُجمِلُ، يا شافي يا وافي يا مُعافي، يا مُنعِمُ يا مُتَفَضِّلُ يا مُتَكَرِّمُ يا مُتَفَرِّدُ.

يا مَن عَلا فَقَهَرَ، يا مَن مَلَكَ فَقَدَرَ، يا مَن بَطَنَ فَخَبَرَ، يا مَن عُبِدَ فَشَكَرَ، يا مَن عُصِيَ فَغَفَرَ و سَتَرَ، يا مَن لا تَحويهِ الفِكَرُ، و لا يُدرِكُهُ بَصَرٌ، و لا يَخفى عَلَيهِ أثَرٌ، يا رازِقَ البَشَرِ، و يا مُقَدِّرَ كُلِّ قَدَرٍ.

يا عالِيَ المَكانِ، يا شَديدَ الأَركانِ، يا مُبَدِّلَ الزَّمانِ، يا قابِلَ القُربانِ، يا ذَا المَنِ‌

وَ الإِحسانِ، يا ذَا العِزِّ وَ السُّلطانِ، يا رَحيمُ يا رَحمنُ، يا عَظيمَ الشَّأنِ، يا مَن هُوَ كُلَّ يَومٍ في شَأنٍ، يا مَن لا يَشغَلُهُ شَأنٌ عَن شَأنٍ.

يا سامِعَ الأَصواتِ، يا مُجيبَ الدَّعواتِ، يا مُنجِحَ الطَّلِباتِ، يا قاضِيَ الحاجاتِ، يا مُنزِلَ البَرَكاتِ، يا راحِمَ العَبَراتِ، يا مُقيلَ العَثَراتِ، يا كاشِفَ الكُرُباتِ، يا وَلِيَّ الحَسَناتِ، يا رَفيعَ الدَّرَجاتِ، يا مُعطِيَ المَسأَلاتِ، يا مُحيِيَ الأَمواتِ، يا جامِعَ الشَّتاتِ، يا مُطَّلِعُ عَلَى النِّيّاتِ، يا رادَّ ما قَد فاتَ، يا مَن لا تَشتَبِهُ عَلَيهِ الأَصواتُ، يا مَن لا تُضجِرُهُ المَسأَلاتُ و لا تَغشاهُ الظُّلُماتُ، يا نورَ الأَرضِ وَ السَّماواتِ.

يا سابِغَ النِّعَمِ، يا دافِعَ النِّقَمِ، يا بارِئَ النَّسَمِ، يا جامِعَ الامَمِ، يا شافِيَ السَّقَمِ، يا خالِقَ النّورِ وَ الظُّلَمِ، يا ذَا الجُودِ وَ الكَرَمِ، يا مَن لا يَطَأُ عَرشَهُ قَدَمٌ.

يا أجوَدَ الأَجوَدينَ، يا أكرَمَ الأَكرَمينَ، يا أسمَعَ السّامِعينَ، يا أبصَرَ النّاظِرينَ، يا جارَ المُستَجيرينَ، يا أمانَ الخائِفينَ، يا ظَهرَ اللّاجينَ، يا وَلِيَّ المُؤمِنينَ، يا غِياثَ المُستَغيثينَ، يا غايَةَ الطّالِبينَ.

يا صاحِبَ كُلِّ غَريبٍ، يا مونِسَ كُلِّ وَحيدٍ، يا مَلجَأَ كُلِّ طَريدٍ، يا مَأوى كُلِّ شَريدٍ، يا حافِظَ كُلِّ ضالَّةٍ، يا راحِمَ الشَّيخِ الكَبيرِ، يا رازِقَ الطِّفلِ الصَّغيرِ، يا جابِرَ العَظمِ الكَسيرِ، يا فَكّاكَ كُلِّ أسيرٍ، يا مُغنِيَ البائِسِ الفَقيرِ، يا عِصمَةَ الخائِفِ المُستَجيرِ، يا مَن لَهُ التَّدبيرُ وَ التَّقديرُ، يا مَنِ العَسيرُ عَلَيهِ سَهلٌ يَسيرٌ، يا مَن لا يَحتاجُ إلى تَفسيرٍ، يا مَن هُوَ عَلى كُلِّ شَي‌ءٍ قَديرٌ، يا مَن هُوَ بِكُلِّ شَي‌ءٍ خَبيرٌ، يا مَن هُوَ بِكُلِّ شَي‌ءٍ بَصيرٌ.

يا مُرسِلَ الرِّياحِ، يا فالِقَ الإِصباحِ، يا باعِثَ الأَرواحِ، يا ذَا الجودِ وَ السَّماحِ، يا مَن بِيَدِهِ كُلُّ مِفتاحٍ، يا سامِعَ كُلِّ صَوتٍ، يا سابِقَ كُلِّ فَوتٍ، يا مُحيِيَ‌

كُلِّ نَفسٍ بَعدَ المَوتِ.

يا عُدَّتي في شِدَّتي، يا حافِظي في غُربَتي، يا مونِسي في وَحدَتي، يا وَلِيّي في نِعمَتي، يا كَنَفي حينَ تُعيينِي المَذاهِبُ، و تُسلِمُنِي الأَقارِبُ، و يَخذُلُني كُلُّ صاحِبٍ.

يا عِمادَ مَن لا عِمادَ لَهُ، يا سَنَدَ مَن لا سَنَدَ لَهُ، يا ذُخرَ مَن لا ذُخرَ لَهُ، يا كَهفَ مَن لا كَهفَ لَهُ، يا رُكنَ مَن لا رُكنَ لَهُ، يا غِياثَ مَن لا غِياثَ لَهُ، يا جارَ مَن لا جارَ لَهُ.

يا جارِيَ اللَّصيقَ، يا رُكنِيَ الوَثيقَ، يا إلهي بِالتَّحقيقِ، يا رَبَّ البَيتِ‌[26] العَتيقِ، يا شَفيقُ يا رَفيقُ، فُكَّني مِن حَلَقِ المَضيقِ، وَ اصرِف عَنّي كُلَّ هَمٍّ و غَمٍّ و ضيقٍ، وَ اكفِني شَرَّ ما لا اطيقُ، و أعِنّي عَلى ما اطيقُ.

يا رادَّ يوسُفَ عَلى يَعقوبَ، يا كاشِفَ ضُرِّ أيّوبَ، يا غافِرَ ذَنبِ داوُدَ، يا رافِعَ عيسَى بنِ مَريَمَ مِن أيدِي اليَهودِ، يا مُجيبَ نِداءِ يونُسَ فِي الظُّلُماتِ، يا مُصطَفِيَ موسى بِالكَلِماتِ، يا مَن غَفَرَ لِادَمَ خَطيئَتَهُ، و رَفَعَ إدريسَ بِرَحمَتِهِ، يا مَن نَجّى نوحامِنَ الغَرَقِ، يا مَن أهلَكَ عاد ا الاولى و ثَمودَ فَما أبقى، و قَومَ نوحٍ مِن قَبلُ إنَّهُم كانوا هُم أظلَمَ و أطغى، وَ المُؤتَفِكَةَ أهوى‌[27]، يا مَن دَمَّرَ عَلى قَومِ لوطٍ، و دَمدَمَ‌[28] عَلى قَومِ شُعَيبٍ.

يا مَنِ اتَّخَذَ إبراهيمَ خَليلًا، يا مَنِ اتَّخَذَ موسى كَليما، وَ اتَّخَذَ مُحَمَّدا صَلَّى اللّهُ عَلَيهِم أجمَعينَ حَبيبا، يا مُؤتِيَ لُقمانَ الحِكمَةَ، وَ الواهِبَ لِسُليمانَ مُلكا لا يَنبَغي لِأَحَدٍ مِن بَعدِهِ، يا مَن نَصَرَ ذَا القَرنَينِ عَلَى المُلوكِ الجَبابِرَةِ، يا مَن أعطَى الخِضرَ

الحَياةَ، و رَدَّ لِيوشَعَ بنِ نونٍ الشَّمسَ بَعدَ غُروبِها، يا مَن رَبَطَ عَلى قَلبِ امِّ موسى، و أحصَنَ فَرجَ مَريَمَ بِنتِ عِمرانَ، يا مَن حَصَّنَ يَحيَى بنَ زَكَرِيّاءَ مِنَ الذَّنبِ، و سَكَّنَ عَن موسَى الغَضَبَ، يا مَن بَشَّرَ زَكَرِيّاءَ بِيَحيى، يا مَن فَدى إسماعيلَ مِنَ الذَّبحِ، يا مَن قَبِلَ قُربانَ هابيلَ و جَعَلَ اللَّعنَةَ عَلى قابيلَ، يا هازِمَ الأَحزابِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ و آلِ مُحَمَّدٍ و عَلى جَميعِ المُرسَلينَ و مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ، و أهلِ طاعَتِكَ.

و أسأَلُكَ بِكُلِّ مَسأَلَةٍ سَأَلَكَ بِها أَحَدٌ مِمَّن رَضيتَ عَنهُ فَحَتَمتَ لَهُ عَلَى الإِجابَةِ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ، يا رَحمنُ يا رَحيمُ، يا رَحمنُ يا رَحيمُ، يا رَحمنُ يا رَحيمُ، يا ذَا الجَلالِ وَ الإِكرامِ، يا ذَا الجَلالِ وَ الإِكرامِ، يا ذَا الجَلالِ وَ الإِكرامِ، بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ أسأَلُكَ بِكُلِّ اسمٍ سَمَّيتَ بِهِ نَفسَكَ، أو أنزَلتَهُ في شَي‌ءٍ مِن كُتُبِكَ، أوِ استَأثَرتَ بِهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ، و بِمَعاقِدِ العِزِّ مِن عَرشِكَ، و مُنتَهَى الرَّحمَةِ مِن كِتابِكَ، و بِما لَو أنَّ ما فِي الأَرضِ مِن شَجَرَةٍ أقلامٌ وَ البَحرُ يَمُدُّهُ مِن بَعدِهِ سَبعَةُ أبحُرٍ ما نَفِدَت كَلِماتُ اللّهِ، إنَّ اللّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ. و أسأَلُكَ بِأَسمائِكَ الحُسنَى الَّتي بَيَّنتَها في كِتابِكَ، فَقُلتَ: «وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‌ فَادْعُوهُ بِها»[29]، وَ قُلتَ: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ»[30]، و قُلتَ: «وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ»[31]، و قُلتَ: «يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‌ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ»[32].

و أنَا أسأَلُكَ يا إلهي، و أطمَعُ في إجابَتي يا مَولايَ كَما وَعَدتَني، و قَد دَعَوتُكَ كَما أمَرتَني، فَافعَل بي كَذا و كَذا».

و تَسأَلُ اللّهَ تَعالى ما أحبَبتَ، و تُسَمّي حاجَتَكَ، و لا تَدعُ بِهِ إلّا و أنتَ طاهِرٌ.

ثُمَّ قالَ لِلفَتى: إذا كانَتِ اللَّيلَةُ فَادعُ بِهِ عَشرَ مَرّاتٍ، و أتِني مِن غَدٍ بِالخَبَرِ.[33]

قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام: و أخَذَ الفَتَى الكِتابَ و مَضى، فَلَمّا كانَ مِن غَدٍ ما أصبَحنا حينا حَتّى أتَى الفَتى إلَينا سَليما مُعافىً، وَ الكِتابُ بِيَدِهِ، و هُوَ يَقولُ: هذا وَ اللّهِ الاسمُ الأَعظَمُ، استُجيبَ لي وَ رَبِّ الكَعبَةِ.

قالَ لَهُ عَلِيٌّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ: حَدِّثني!

قالَ: [لَمّا][34] هَدَأَتِ العُيونُ بِالرُّقادِ، وَ استَحلَكَ‌[35] جِلبابُ‌[36] اللَّيلِ، رَفَعتُ يَدي بِالكِتابِ، و دَعَوتُ اللّهَ بِحَقِّهِ مِرارا، فَاجِبتُ فِي الثّانِيَةِ: حَسبُكَ، فَقَد دَعَوتَ اللّهَ بِاسمِهِ الأَعظَمِ.

ثُمَّ اضطَجَعتُ، فَرَأَيتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله في مَنامي، و قَد مَسَحَ يَدَهُ الشَّريفَةَ عَلَيَّ و هُوَ يَقولُ: احتَفِظ بِاسمِ اللّهِ الأَعظَمِ العَظيمِ، فَإِنَّكَ عَلى خَيرٍ. فَانتَبَهتُ مُعافىً كَما تَرى، فَجَزاكَ اللّهُ خَيرا.[37]


[1] الدُّجى: الظُلْمة( الصحاح: ج 6 ص 2334« دجا»).

[2] في بحار الأنوار:« مستَرحِما» بدل« مترحّما» و هو الأصحّ.

[3] السَّرَفُ: الإغفال و الخطأ( الصحاح: ج 4 ص 1373« سرف»).

[4] اعتَبِر: انظر و تدَبَّر( انظر: لسان العرب: ج 4 ص 531« عبر»).

[5] الزيادة من بحار الأنوار.

[6] في بحار الأنوار ج 41 ص 225:« فإن تاب» بدل« فارتاب».

[7] حَدَثانُ الدهر: نُوَبُهُ، و ما يحدث فيه( لسان العرب: ج 2 ص 132« حدث»).

[8] الوَرْقُ: الدراهم المضروبة، و في الوَرْق ثلاث لغات: وَرِق، و وِرْق، وَ وَرَق( الصحاح: ج 4 ص 1564« ورق»).

[9] الشَّمَردَل: السريع من الإبل و غيره( الصحاح: ج 5 ص 1741« شمردل»).

[10] الغارِب: ما بين العُنق و السَّنام، و هو الذي يُلقى عليه خِطام البعير إذا ارسِل( المصباح المنير: ص 444« غرب»).

[11] الرُّمْحُ الرُّديني: زعموا أنّه منسوب إلى امرأة السمهريّ، تسمّى ردينة، و كانا يقوّمان القَنا بِخِطِّ هَجَر( الصحاح: ج 5 ص 2122« ردن»).

[12] العَيرانَة: الناقة تشبّه بالعَيْر[ أي الحمار الوحشي‌] في سرعتها و نشاطها( الصحاح: ج 2 ص 764« عير»).

[13] المَهواة: موضع في الهواء مشرف ما دونه من جبلٍ و غيره( لسان العرب: ج 15 ص 370« هوا»). و في بحار الأنوار:« المِهاد».

[14] سمك الشي‌ء يسمكه: إذا رفعه( النهاية: ج 2 ص 402« سمك»).

[15] في المصدر:« يدعوني»، و التصويب من بحار الأنوار.

[16] الزيادة من بحار الأنوار.

[17] العُشَراء من النُّوق: التي مضى لحملها عشرة أشهر بعد طُروق الفَحل. و أحسن ما تكون الإبل و أنفَسُها عند أهلها إذا كانت عِشارا( تاج العروس: ج 7 ص 225 و 226« عشر»).

[18] الأراك: هو وادي الأراك قرب مكّة( معجم البلدان: ج 1 ص 135).

[19] حَطمُ الجَبَلِ: الموضع الّذي حُطِمَ منهُ، أي ثُلِمَ فبقي منقطعا( لسان العرب: ج 12 ص 138« حطم»).

[20] في المصدر:« و حطته وادي السجال»، و التصويب من بحار الأنوار.

[21] الزيادة من بحار الأنوار.

[22] في بحار الأنوار:« ... يا عليم يا حكيم يا كريم يا حليم يا قديم».

[23] الديّانُ: القهّارُ( النهاية: ج 2 ص 148« دين»).

[24] الشامِخُ: العالي( النهاية: ج 2 ص 500« شمخ»).

[25] البَذَخُ: الفخر و التطاول، و الباذخُ: العالي( النهاية: ج 1 ص 110« بذخ»).

[26] البيتُ العَتيقُ: يعني الكعبة المشرّفة( مجمع البحرين: ج 2 ص 1161« عتق»).

[27] قيل: إنّ المؤتفكة قرى قوم لوط ائتَفكَتْ بأهلِها، أي انقَلبَت، و الائتِفاك: الانقلاب، و الإهواء: الإسقاط. و احتُمِلَ أن يكون المراد بالمؤتفِكة ما هو أعمّ من قرى قوم لوط؛ و هي كلّ قرية نزل عليها العذاب فبادَ أهلُها فبقت خربة داثرة معالمها خاوية عروشها( الميزان في تفسير القرآن: ج 19 ص 50).

[28] دَمْدَمَ عليهم ربُّهم: أي أهلكهم و أزعجهم( مفردات ألفاظ القرآن: ص 318« دمدم»).

[29] البقرة: 186.

[30] غافر: 60.

[31] الزمر: 53.

[32] الزمر: 53.

[33] في المصدر:« بالخير»، و التصويب من بحار الأنوار.

[34] الزيادة من بحار الأنوار.

[35] المُستَحلِك: الشديد السَّواد( النهاية: ج 1 ص 428« حلك»).

[36] الجِلْبابُ: الإزار و الرداء( النهاية: ج 1 ص 283« جلب»).

[37] مهج الدعوات: ص 191، بحار الأنوار: ج 95 ص 394 ح 33 و ج 41 ص 224 ح 27.

اسم الکتاب : حكمت نامه امام حسين المؤلف : محمدی ری‌شهری، محمد    الجزء : 1  صفحة : 562
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست