responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حكمت نامه امام حسين المؤلف : محمدی ری‌شهری، محمد    الجزء : 1  صفحة : 290

246. الإمامة و السياسة في ذِكرِ قُدومِ مُعاوِيَةَ إلَى المَدينَةِ حاجّا و أخذِهِ البَيعَةَ لِيَزيدَ، و خُطبَتِهِ الَّتي يَمدَحُ فيها يَزيدَ الطّاغِيَةَ و وَصفِهِ بِالعِلمِ بِالسُّنَّةِ و قِراءَةِ القُرآنِ وَ الحِلمِ: فَقامَ الحُسَينُ عليه السلام فَحَمِدَ اللّهَ و صَلّى عَلَى الرَّسولِ صلى الله عليه و آله، ثُمَّ قالَ:

أمّا بَعدُ يا مُعاوِيَةُ! فَلَن يُؤَدِّيَ القائِلُ و إن أطنَبَ‌[1] في صِفَةِ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله مِن جَميعٍ جُزءا، و قَد فَهِمتُ ما لَبَستَ بِهِ الخَلَفَ بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِن إيجازِ الصِّفَةِ، وَ التَّنَكُّبِ عَنِ استِبلاغِ النَّعتِ، و هَيهاتَ هَيهاتَ يا مُعاوِيَةُ! فَضَحَ الصُّبحُ فَحمَةَ الدُّجى، و بَهَرَتِ الشَّمسُ أنوارَ السُّرُجِ، و لَقَد فَضَّلتَ حَتّى أفرَطتَ، وَ استَأثَرتَ حَتّى أجحَفتَ، و مَنَعتَ حَتّى مَحَلتَ، و جُزتَ حَتّى جاوَزتَ، ما بَذَلتَ لِذي حَقٍّ مِنِ اسمِ حَقِّهِ بِنَصيبٍ، حَتّى أخَذَ الشَّيطانُ حَظَّهُ الأَوفَرَ، و نَصيبَهُ الأَكمَلَ.

و فَهِمتُ ما ذَكَرتَهُ عَن يَزيدَ مِنِ اكتِمالِهِ، و سِياسَتِهِ لِامَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله، تُريدُ أن توهِمَ النّاسَ في يَزيدَ، كَأَنَّكَ تَصِفُ مَحجوبا، أو تَنعَتُ غائِبا، أو تُخبِرُ عَمّا كانَ مِمَّا احتَوَيتَهُ بِعِلمٍ خاصٍّ، و قَد دَلَّ يَزيدُ مِن نَفسِهِ عَلى مَوقِعِ رَأيِهِ، فَخُذ لِيَزيدَ فيما أخَذَ فيهِ مِنِ استِقرائِهِ الكِلابَ المُهارِشَةَ[2] عِندَ التَّهارُشِ، وَ الحَمامَ السِّبقَ لِأَترابِهِنَّ، وَ القِيانَ ذَواتِ المَعازِفِ، و ضَربِ المَلاهي تَجِده باصِرا، و دَع عَنكَ ما تُحاوِلُ، فَما أغناكَ أن تَلقَى اللّهَ مِن وِزرِ هذَا الخَلقِ بِأَكثَرَ مِمّا أنتَ لاقيهِ، فَوَ اللّهِ ما بَرِحتَ تَقدَحُ باطِلًا في جَورٍ، و حَنَقا في ظُلمٍ، حَتّى مَلَأتَ الأَسقِيَةَ، و ما بَينَكَ و بَينَ المَوتِ إلّا غَمضَةٌ، فَتَقدَمُ عَلى عَمَلٍ مَحفوظٍ في يَومٍ مَشهودٍ، و لاتَ حينَ مَناصٍ.

و رَأَيتُكَ عَرَضتَ بِنا بَعدَ هذَا الأَمرِ، و مَنَعتَنا عَن آبائِنا تُراثا، و لَقَد لَعَمرُ اللّهِ أورَثَنَا الرَّسولُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَ السَّلامُ وِلادَةً، و جِئتَ لَنا بِها، أما حَجَجتُم بِهِ القائِمَ عِندَ مَوتِ الرَّسولِ، فَأَذعَنَ لِلحُجَّةِ بِذلِكَ، و رَدَّهُ الإِيمانُ إلَى النَّصَفِ، فَرَكِبتُمُ الأَعاليلَ، و فَعَلتُمُ الأَفاعيلَ، و قُلتُم: كانَ و يَكونُ، حَتّى أتاكَ الأَمرُ يا مُعاوِيَةُ! مِن طَريقٍ كانَ قَصدُها لِغَيرِكَ، فَهُناكَ فَاعتَبِروا يا اولِي الأَبصارِ ....[3]


[1] أطنَبَ في الكلام: بالَغَ فيه( الصحاح: ج 1 ص 172« طنب»).

[2] المُهارَشَةُ بالكِلاب: و هو تحريش بعضها على بعض( الصحاح: ج 3 ص 1027« هرش»).

[3] الإمامة و السياسة: ج 1 ص 208.

اسم الکتاب : حكمت نامه امام حسين المؤلف : محمدی ری‌شهری، محمد    الجزء : 1  صفحة : 290
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست