المال ، وفي
كون الشركة مخالفاً لمقتضى العقد وتفسيره كلام كثير لا حاجة إلى ذكره ، وربّما
يورد أمثلة حكموا بصحّتها مع مخالفتها لمقتضى العقد ، كشرط الضمان في العاريّة
والتفصيل في محلّه.
وأمّا
قول أبي الصلاح بصحّة الشركة دون الشرط فمشكل ؛ لأنّ الرضا بتصرّف الشركاء في
المال والبيع والاشتراء إذا كان معلّقاً على اختصاص ربح أكثر ببعضهم ، ولم يحصل
هذا الشرط على مذهبه ، فلم يحصل الرضا بأصل المعاملة ؛ لعدم تحقّق ما علّقت عليه ،
ولا ريب أنّ الرضا في معاملة إن كان معلّقاً على أمر محرّم ، أو على أمر غير محقّق
كان موجباً لعدم صحّتها ، والشرط الفاسد في العقد مفسد ؛ لأنّ التجارة مشروطة في
القرآن الكريم بالتراضي ، ولا يحلّ مال امرئ إلاّبطيب نفسه ، ولا يجوز قهر الناس
على شيء وغصب أموالهم والتصرّف فيها بغير رضاهم إلاّبدليل ، كبيع أموال المفلس
والمحتكر.
وأمّا
احتمال رضا المشروط له بأصل المعاملة ولو مع عدم الشرط وإن كان معقولاً ، لكنّ
الكلام في الاعتماد على مفاد العقد المشتمل على الشرط ، ولا ريب أنّه يدلّ على
الرضا المشروط ، واستنباط الرضا مع عدم الشرط يتوقّف على دالّ آخر غير العقد
المشتمل على الشرط ، ولكنّ بعض علمائنا حكم بصحّة العقد وبطلان الشرط ، والتفصيل
لا يناسب هذا الموضع ، واستدلّ عليه بحديث بريرة عائشة ، حيث اشترتها عائشة
واشترطت لمواليها ولاءها ، ثمّ أعتقتها ، فصحّح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الاشتراء والإعتاق ، وأبطل الولاء ؛ لأنّ
الولاء لمن أعتق ، ولكنّ تفصيل قصّة بريرة مختلف بحسب الروايات ، ويستفاد من بعضها
أنّ بريرة كاتبت مواليها ، فعجزت عن أداء مال الكتابة ، فتوسّلت بعائشة ، وأعطتها
عائشة مالاً تؤدّيه إلى مواليها بإزاء مال الكتابة ، فلم يكن اشتراء وبيع وشرط في
عقد ، ولا يجوز الخروج عن الاصول الضروريّة ، ومنها عدم حلّ مال أحد بغير رضاه
بمثل هذا الخبر. نعم ورد في النكاح الأدلّة على الصحّة مع بطلان الشروط ، بل المهر
أيضاً ، ولا يجوز قياس غيره عليه ، فلعلّ البضع في نظر الشرع ينبغي أن لا يكون في
معرض الفسخ والإقالة والنقل والانتقال الكثير ؛ لأهمّيّة حفظ الحياء في النسوان من
سائر الامور ، ولا يبعد أن يقال : إن اريد بصحّة العقد قابليّته لأن يلحقه الرضا ،
كعقد المكره والفضولي فله وجه ، وإن اريد بصحّته وقوعه متزلزلاً فيجوز للمشروط له
الفسخ ، كما في المعيب ، ولكنّ العقد مؤثّر ما لم يفسخ ، فهذا بعيد إلاّ أن يعلم
رضى المشروط له بالعقد ولو مع عدم حصول الشرط له ، أو سكت عن الفسخ مع علمه ، فيجعل
أنّه يجوز له أن يفسخ العقد سكوته عن الفسخ واستمراره على البيع ممّا يدلّ على
رضاه ، وليس أصل العقد مع فساد الشرط تجارة من غير تراض ، فهو كفقدان الأوصاف
والعيب الذي لم يرض المشتري إلاّبالصحيح وواجد الأوصاف ، وأمّا إن اريد بالصحّة
وقوعه لازماً مع عدم الشرط ـ كما في النكاح المشروط بالشرط الفاسد ـ فالحقّ أنّه
ليس كذلك ؛ لأنّه تجارة لا عن تراض ».
[٣]
التهذيب ، ج ٦ ، ص ٢٠٧ ، ح ٤٧٦ ، بسنده
عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي وعليّ بن النعمان ، عن أبي الصبّاح جميعاً
، عن أبي عبد الله عليهالسلام . الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٢٩ ، ح ٣٨٤٨ ، معلّقاً
عن حمّاد. التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٥ ، صدر ح ١٠٧ ، بسنده عن الحلبي. وفيه ، ص ١٨٦ ، ح ٨٢٣ ، بسند آخر
الوافي ، ج ١٨ ، ص ٨٨٩ ، ح ١٨٥١٠ ؛
الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٤٤ ، ح ٢٤٠١٢.
اسم الکتاب : الکافی- ط دار الحدیث المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 10 صفحة : 365