اسم الکتاب : الکافی- ط دار الحدیث المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 0 صفحة : 43
بغداد ، هذا فضلاً
عن كون تلامذة أهل البيت عليهمالسلام من العراقيّين هم أكثر بكثير من تلامذتهم عليهمالسلام في جميع بلاد الإسلام ، بل لا توجد نسبة بينهما أصلاً. فالتشيّع وإن كان
حجازيّ المَنْبِت والولادة ، إلاّ أنّه كوفيّ الثمرة ، عراقيّ الشهرة ، فكيف لا
يكون العراق ـ بالنسبة للكليني ـ مقصوداً إذن؟ ويبدو أنّ شبهة الهجرة السياسيّة
إلى عاصمة الدولة العبّاسيّة قد اعتمدت على مقولة دخول الكليني إلى بغداد بوقت
متأخّر من عمره الشريف ، وارتبطت بها ارتباطاً وثيقاً! وقد عرف فسادها من أنّ ثقة
الإسلام هاجر إلى العراق قبل دخول البويهيّين إلى الريّ بأكثر من عشرين سنة ، أي
في الوقت الذي لم تظهر للبويهيّين فيه أيّة شهرة أو سلطة سياسيّة.
وأمّا عن ادّعاء
التأثّر بالمنهج العقلي ، والإيحاء بأنّه السبب المباشر في هجرة الكليني إلى بغداد
دون قم! فهو زعم باطل من وجوه عديدة ، نشير لها باختصار :
الوجه
الأوّل : أنّه لو اجري
مَسْحٌ شامل لأحاديث الكافي ، وتمّ إرجاعها إلى مشايخ الكليني المباشرين لوجدت
أكثر من ثلثي الكافي يرجع إلى مشايخه القمّيّين دون غيرهم ، ويكفي أنّ أكثر من نصف
أحاديث الكافي عن عليّ بن إبراهيم ، ومحمّد بن يحيى القمّيّين.
الوجه
الثاني : أنّ شيخ المدرسة
القمّيّة في زمانه الشيخ الصدوق رحمهالله الذي مثّلوا به في المقام ، قد احتجّ بمسانيد ومراسيل
ومقاطيع سهل بن زياد في سائر كتبه ، فقد خرّج له في إثني عشر كتاباً من كتبه مائة
وثلاثين حديثاً.
الوجه
الثالث : المعروف أنّ
الكليني يحدّث عن سهل بتوسّط « العدّة » غالباً ، وبدونها أحياناً ، وإذا عُدنا
إلى رجال عدّة الكافي عن سهل لا نجد فيهم بغداديّاً واحداً ، بل كلّهم من بلاد
الريّ ، وما رواه عنه من غير توسّط العدّة فجميعه عن القمّيّين.
الوجه
الرابع : روايات الكافي وإن
تناولت الكثير من المباحث العقلية إلاّ أنّها مسندة إلى أهل البيت عليهمالسلام ، واختيارها لا يكوّن علامةً فارقةً في التأثّر بالمنهج العقلي ، ولتأثّر
مدرسة قم وقادتها بتلك الروايات أكثر من الكليني مّرات ومرّات ، فالصدوق الذي عدّ
ممثّلاً لمدرسة قم كانت له آراء عقليّة كثيرة جدّاً في كتبه لا سيّما في أوائل
إكمال الدين ،
اسم الکتاب : الکافی- ط دار الحدیث المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 0 صفحة : 43