«لَقَدْ نَقَمْتُمَا يَسِيراً، وأرْجَأْتُمَا كَثِيراً.
ألا تُخْبِرَانِي أيُّ شَيْءٍ كَانَ لَكُمَا فِيهِ حَقٌّ دَفَعْتُكُمَا عَنْهُ؟ أمْ أيُّ قَسْمٍ اسْتَأْثَرْتُ عَلَيْكُمَا بِهِ؟ أمْ أيُّ حَقٍّ رَفَعَهُ إِلَيَّ أحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ضَعُفْتُ عَنْهُ أمْ جَهِلْتُهُ أمْ أخْطَأْتُ بَابَهُ؟
واللَّه، مَا كَانَتْ لِي فِي الْخِلافَةِ رَغْبَةٌ، ولا فِي الْوِلايَةِ إِرْبَةٌ، ولَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا، وحَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا، فَلَمَّا أفْضَتْ إِلَيَّ نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ اللَّه، ومَا وَضَعَ لَنَا، وأمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ، ومَا اسْتَنَ [1] النَّبِيُّ 6 فَاقْتَدَيْتُهُ، فَلَمْ أحْتَجْ فِي ذَلِك إلَى رَأْيِكُمَا، ولا رَأْي غَيْرِكُمَا، ولا وَقَعَ حُكْمٌ جَهِلْتُهُ فَأَسْتَشِيرَكُمَا وإِخْوَانِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ولَوْ كَانَ ذَلِك لَمْ أرْغَبْ عَنْكُمَا وَلا عَنْ غَيْرِكُمَا.
وأمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أمْرِ الأُسْوَةِ، فَإِنَّ ذَلِك أمْرٌ لَمْ أحْكُمْ أنَا فِيهِ بِرَأْيِي، ولا وَلِيتُهُ هَوًى مِنِّي، بَلْ وَجَدْتُ أنَا وأنْتُمَا مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّه 6 قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، فَلَمْ أحْتَجْ إِلَيْكُمَا فِيمَا قَدْ فَرَغَ اللَّهُ مِنْ قَسْمِه، وأمْضَى فِيهِ حُكْمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمَا واللَّهِ عِنْدِي ولا لِغَيْرِكُمَا فِي هَذَا عُتْبَى.
أخَذَ اللَّه بِقُلُوبِنَا وقُلُوبِكُمْ إلَى الْحَقِّ، وألْهَمَنَا وإيَّاكُمُ الصَّبْرَ.
ثم قال 7: رَحِمَ اللَّه رَجُلا رَأى حَقّاً فَأَعَانَ عَلَيْه، أوْ رَأى جَوْراً فَرَدَّهُ، وكَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلَى صَاحِبِه».
[2]
[1]. في نسخة صبحي الصالح: «استَسَنَّ».
[2]. نهج البلاغة: الخطبة 205 و راجع: المناقب لابن شهرآشوب: ج 3 ص 152، الجمل: ص 167؛ المناقب للخوارزمي: ص 116، الفتوح: ج 2 ص 300، الإمامة و السياسة: ج 1 ص 66، أحاديث أمّ المؤمنين: ص 138، السيرة الحلبية: ج 3 ص 322، جمهرة رسائل العرب: ج 1 ص 377.