و في الأمالي للمفيد عن أبي جهضم الأزْدِيّ عن أبيه- بعد معاملة عثمان السَّيِّئة مع أبي ذَرّ: بلغ ذلك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب 7 فبكى حتَّى بلّ لحيته بدموعه، ثمّ قال:
ثمّ نهض و معه الحسن و الحسين 8، و عبد اللَّه بن العبّاس و الفضل و قُثَم و عبيد اللَّه، حتَّى لحقوا أبا ذَرّ، فشيّعوه، فلمّا بصر بهم أبو ذَرّ (رحمه الله) حَنّ إليهم، وَ بَكى عَلَيهِم، وَ قال: بِأبِي وُجُوهٌ إذا رَأيتُها ذَكَرتُ بِها رَسولَ اللَّهِ 6، وَ شَمَلَتنِيَ البركَةُ بِرُؤيَتِها.
ثُمّ رَفَعَ يَديهِ إلى السَّماءِ و قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي احبُّهُم، وَ لَو قُطّعت إرباً إرباً في مَحَبَّتِهِم، مَا زِلتُ عَنها ابتِغاءَ وَجهِكَ وَ الدَّارَ الآخِرَةَ، فارجِعُوا رَحِمَكُم اللَّهُ، و اللَّهَ أَسألُ أَن يَخلُفَنِي فيكُم أحسَنَ الخِلافَةِ. فودّعه القوم و رجعوا و هم يبكون على فراقه [2].
و في تاريخ اليعقوبي: لم يزل أبو ذَرّ بالرَّبَذَة حتَّى تُوفّيَ، وَ لمّا حضرته الوفاة قالت له ابنته: إنّي وحدي في هذا الموضع، و أخافُ أن تَغلِبَنِي عليك السِّباعُ.
فقال: كلّا، إنّه سيحضرنِي نفرٌ مُؤمِنُونَ، فانظُري أَ ترينَ أحَدَاً؟
فقالت: ما أرى أحداً!
[1]. المحاسن: ج 2 ص 94 ح 1247 عن إسحاق بن جرير الجريري عن رجل من أهل بيته، من لا يحضره الفقيه: