طائِعان، غيرُ مُكرَهَينِ، فَخَرجتُ مِن عِندِكُم فِيمَن خَرجتُ، ممِّن سارَعَ إلى بَيعَتي، وإلى الحقّ[1]حَتَّى نزلْتُ ذا قارٍ، فنفر معي مَن نفَرَ من أهل الكوفَةِ، وقدم طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ البصرةَ، وصنَعا بِعامِلي عُثمانَ بنِ حُنَيْفٍ ما صنَعا! فَقدَّمتُ إليهم الرُّسُلَ، وأعْذَرتُ كلّ الإعْذار.
ثُمَّ نزلْتُ ظهْرَ البَصرَةِ، فأعذرْتُ بالدَّعاءِ، وقَدَّمتُ الحُجَّةَ، وأقلْتُ العَثْرَةَ، والزَّلَّةَ، واسْتَتَبْتُهما ومَن معهما من نَكْثِهم بيعتي، ونقْضهما عَهدي، فأبوْا إلَّا قتالي وقتالَ مَن مَعِي، والتَّمادي في الغَيِّ، فلم أجدْ بُدَّاً من مناصَفَتِهِم لي، فناصَفْتُهُم بِالجهادِ، فَقتلَ اللَّهُ مَن قتلَ مِنهُم ناكِثاً، وولَّى مَن ولَّى منهم، وغَمدْتُ السُّيوفَ عَنهُم، وأخذْتُ بالعَفوِ فِيهم، وأجريْتُ الحقَّ والسُّنَّةَ في حُكمِهم، واخترْت لهم عاملًا استَعمِلُهُ عَلَيهِم، وهُو عبدُ اللَّهِ بنُ العبَّاس، وإنِّي سائِرٌ إلى الكوفَةِ إن شاءَ اللَّهُ تعالى».
و كتب عبيد اللَّه بن أبي رافع، في جُمادى الأُولى مِن سَنَةِ سِتٍّ و ثلاثِينَ مِنَ الهِجرَةِ [2].
و قال العلّامة الآمُلي: و لعلَّ الوجه في عدم ذكر الرَّضي- كتابه 7 إلى أهل المدينة- في النَّهج، كان ذلك، أعني أنَّ كتابه إلى أهل المدينة، كان قريباً من كتابه إلى أهل الكوفة في ألفاظه و معانيه. [3]
[أقول: لعلَّ مراده من قوله إنَّ عِلَّة عدم نقل السَّيِّد الرضيّ هذا، هو عِلَّةُ عَدمِ نقلهِ كتابه إلى أهل الكوفة؛ لأنَّ الشريف الرضي لم ينقل الكتابين معاً، و إنَّما نقل جملًا من كتابه إلى أهل الكوفة].