اسم الکتاب : الکشف الوافي في شرح أصول الکافي المؤلف : الشیرازي، محمد هادي الجزء : 1 صفحة : 580
نجران، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن التوحيد، فقلت:
أتَوَهَّمُ شيئاً؟ فقال: «نعم، غيرَ معقولٍ ولا محدودٍ،
الألفاظ المشتركة
والمجازيّة إليها[1]، فهو مشترك
معنوي كالموجود والوجود.[2]
ولمّا كان القول بأنّ
الشيء والموجود فيه تعالى مشترك لفظي، أو مجاز آخر، أحاله إلى حدّ النفي والتعطيل
وهو ينافي ثبوت الصانع.
ذكر هذا الباب عقيب باب
حدوث العالم وإثبات المحدث لكمال الربط.
قوله: (سألت أبا جعفر
عليه السلام عن التوحيد)
أقول: المراد بالتوحيد
هنا ما يتعلّق بمعرفته تعالى أيّ مسألة كانت من المسائل الإلهيّة، كما مرّ أنّ
إطلاق التوحيد على هذا المعنى شائع في لسان أهل الشرع.
قال بعض الفضلاء[3]: أي عن
معرفته تعالى متوحّداً بحقيقته وصفاته متنزّهاً عن غيره[4]، فتأمّل.
وقوله: (أتوَهَّمُ
شيئاً) خبر[5]، والمراد
بالتوهّم هاهنا التصوّر، أي أتصوّره شيئاًوأصفه بالشيئيّة، ويجوز أن يكون الهمزة
للاستفهام والفعل ماضياً مجهولًا، أو مضارعاً معلوماً مخاطباً بحذف أحد التاءين.
وقوله عليه السلام: (نعم
غير معقول ولا محدود) أي نعم إنّه تعالى شيء لكنّه غير معقول بالكنه، ولا محدود
بالحدود العقليّة ولا بالحدود الحسّيّة الظاهريّة والباطنيّة من السطوح والخطوط
والنقاط والأشكال والنهاية ونحو ذلك ممّا يتعلّق بالجزئيات المادّيّة المدركة
بالحواسّ الظاهرة والباطنة.[6]
ولا يذهب عليك أنّ
المعاني الجزئيّة المادّيّة الموهومة أيضاً محدودة بحدود وهميّة قابلة للزيادة
والنقصان كالصداقة والعداوة الجزئيّة.