اسم الکتاب : الکشف الوافي في شرح أصول الکافي المؤلف : الشیرازي، محمد هادي الجزء : 1 صفحة : 343
أحدهما، فثبت أنّ إرادة العبد وعزمه ليست[1] من فعل نفسه كما توهّمه بعض
القاصرين، بل من فاعل مباين قادر، ولا يوجب ذلك الجبرَ كما سيجيء تحقيقه إن شاء
اللَّه تعالى.
ثمّ هذا الكلام منه عليه
السلام إجمال لما فصّله أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث الذي نقله ابن بابويه
في كتاب التوحيد حيث قال: إنّ رجلًا قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا
أمير المؤمنين بِمَ عرفت ربّك؟ قال: «بفسخ العزم ونقض الهمم[2]، لمّا همّمت فحيل بيني وبين همّي،
وعزمت فخالف القضاء عزمي، علمت أنّ المدبّر غيري»[3].
[دلالة الأفعال
الحادثة المتقنة على قدرته و اختياره تعالى]
و أمّا دلالتها على
قدرته و اختياره فلوجوه:
الأوّل: أنّ هذه
الأفعال امورٌ حادثةٌ بعد ما لم تكن، متبدّلةٌ متغيّرةٌ غير ثابتة على حالة واحدة،
فيجب أن يكون فاعلها قادراً مختاراً يفعل بمشيّته؛ لأنّه قد أحدث تلك الامور بعد
ما لم تكن[4]، ثمّ أزالها
بعد إثباتها، ثمّ أثبتها بعد إزالتها، وبالضرورة أثر الموجب لا يمكن أن يكون كذلك؛
لأنّه يمتنع انفكاكه عنه.
فإن قلت: هذا إنّما يتمّ
إذا كان صانع هذه الآثار واحداً، لِمَ لا يجوز أن يكون لكلّ فعل منها صانع موجب
مغاير لصانع الآخر؟
قلنا: هذا باطل من
وجهين:
أوّلهما: أنّ ما هو
الضروري الفطري هو وجود الصانع الواحد للعالم، وهذه وأمثالها منبّهات على وجود ذلك
الصانع الواحد كما سيجيء تفصيله إن شاء اللَّه تعالى.
وثانيهما: أنّ تلاؤم ما
في الشخص الإنساني- من الأجزاء والأعضاء والقوى والآلات