من المسلّمات- عندنا
الشيعة- أنّ الإنسان لا يبلغ فعليّته المنويّة له من دون الاستمداد من الإفاضات
التشريعيّة مضافاً إلى الألطاف التكوينيّة، و هي- مع الإعراض عن التطويل- عبارة عن
التعاليم القرآنيّة و الحديثيّة.
ثمّ لا يخفى أهميّة هذه
الأحاديث و الأخبار الواردة عن أئمّتنا عليهم السلام بحيث يستفاد منها مباني كلّ
العلوم و الفنون؛ ولا تزول منزلتها في إحياء القلوب الصادقة و العقول السليمة و
الأفكار الناصحة، و حفظها عن الجهل و الفتنة و العمى و الاعتساف. و هي كأنهار جرت
عن ينابيع الحكمة و الكمال، و لا تشرب منها أرض مستعدّة إلّااهتزّت و ربت ثمّ
أثمرت بمتشابهات و غير متشابهات.
ثمّ كما أخبروا عليهم
السلام إنّ كلامهم مثل كتاب اللَّه لها ناسخ و منسوخ و خاصّ و عامّ و محكم و
متشابه، و منها صعب و مستصعب لا يحملها إلّاالخواصّ من العقول؛ و لبعض كلامهم وجوه
شتّى لا يمتاز إلّابأحلام ممتازة، و إن كان أكثر كلامهم مطابقاً لفهم الأكثر و
العموم.
و إنّ من كلماتهم الّتي
كانت حقّاً من المشكلات و المتشابهات بحيث اعتقد بعض الأعلام و الشرّاح بلزوم
الاحتراز عن تفسيره و توضيحه هو الحديث المسمّى ب «حديث حدوث الأسماء»، عن الإمام
الصادق عليه السلام، و ذكره ثقة المحدّثين الكليني رحمه الله في كتابه الوزين
الكافي ورواه أعظمهم الشيخ الصدوق رحمه الله في كتابه التوحيد؛ و قد يعبّر عن هذا
الحديث بحديث الأسماء أو حديث الاسم.