حدّثنى، قال: صار لى سوق بمازندران حتّى خافنى صاحبها، فأنفذ يأمرنى بالخروج عن بلاده، فصرت إلى بغداد فى أيّام المُقتفى [باللَّه] و وعظت، فعظمت منزلتى و استدعيت و خلع علىّ و ناظرت و استظهرت على خصومى، فلقّبت ب «رشيدالدين» وكنت القّب ب «عزّ الدين»، ثمّ خرجت إلى الموصل، ثمّ أتيت حلب.
قال: و كان نزوله على والدى فأكرمه و زوّجه ببنت اخته، فربّيت فى حجره و غذانى من علمه و بصّرنى فى دينى، و كان إمام عصره و واحد دهره، و كان الغالب عليه علم القرآن و الحديث، كشف و شرح و ميّز الرجال، و حقّق طريق طالبى الأسناد، و أبان مراسيل الأحاديث من الآحاد، و أوضح المفترق، من المتّفق، و المؤتلف من المختلف، و السابق من اللاحق، و الفصل من الوصل، و فرّق بين رجال الخاصّة و العامّة.
حدّثنى أبى، قال: ما زال أصحابنا بحلب لا يعرفون الفرق بين ابن بطّة الشيعى من ابن بطّة الحنبلى، حتّى قدم الرشيد، فقال: ابن بطّة الحنبلى بالفتح و الشيعى بضمّها.
و كان عند أصحابنا بمنزلة الخطيب للعامّة و كيحيى بن معين فى معرفة الرجال.
و قد عارض من كلّ علم من علوم العامّة بمثله و برز عليهم بأشياء حسنة لم يصلوا إليها، و كان بهىّ المنظر، حسن الوجه و الشيبة، صدوق اللهجة، مليح المحاورة، واسع العلم، كثير الفنون، كثير الخشوع و العبادة و التهجّد، لا يجلس إلّاعلى وضوء ....
و من تصانيفه كتاب فى النحو سمّاه الفصول، جمع فيه امّهات المسائل و كتاب المكنون و المخزون فى عيون الفنون، كتاب متشابه القرآن، كتاب الأعلام و الطرائق فى الحدود و الحقائق، كتاب مناقب آل أبى طالب، كتاب المثالب، كتاب المائدة و الفائدة، جمع فيه أشياء من النوادر والفرائد.
توفّى ليلة سادس عشرة شعبان سنة ثمان و ثمانين، و دفن بجبل جوشن عند مشهد الحسين عليه السلام.[1]
[1]. تاريخ الإسلام( حوادث 581- 590 ق)، ص 309. همچنين، ر. ك: طبقات المفسّرين، ص 96؛ الوافى بالوفيات، ج 4، ص 164؛ لسان الميزان، ج 6، ص 395، ش 7889.