اسم الکتاب : الطفل بين الوراثة والتربية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 383
الاختلاف ونتائجها
بين هذين النوعين من الدول ، ثم نقارن ذلك بكيفية إدارة الأسرة. ومن هذه المقارنة
نستطيع أن نسلط الأضواء إلى حد بعيد على مقياس سلامة جو الأسرة أو فساده ومن
المؤمل أن يدرك الآباء ـ وهم أبناء الأسرة الكبيرة ( الدولة ) ـ أسس هذه المقارنة
كي يتفهموا مسؤوليتهم تجاه أبنائهم بصورة أوضح ، ويقيموا إدارة الأسرة على أساس
أقوى ، ويراعوا واجباتهم الثقيلة في تربية أطفالهم سائرين على منهج الشرع الحنيف.
١ ـ الحرية والهدوء النفسي :
يعد الهدوء النفسي والأمن من الخوف ،
الشرط الأول لسعادة الانسان. ففي المجتمع الذي لا يأمن أفراده على آرائهم وتكون
حياتهم مقترنة بالاضطراب والقلق ، لا مجال للسعادة الحقيقية والكمال الواقعي إليه
، فالعدالة الاجتماعية هي القوة الوحيدة التي تستطيع أن تبعث الاطمئنان والهدوء
إلى النفوس وتهب الأشخاص الأمن والسكينة.
البيئة الصحيحة للانسانية تكون في
الدولة التي يسوسها القانون والعدالة ، الدولة رسمت حدود اختصاصات المسؤولين
والشعب فيها بموجب القوانين العادلة ، في الدولة التي يكون المسؤولين أنفسهم
مطيعين للقانون ، ويسلكون سبيل العدالة في أحكامهم ولا يسمحون لأنفسهم بأقل انحراف
أو تجاوز على حقوق الآخرين ... هناك يحس جميع الأفراد في داخل أنفسهم بالهدوء
والأمان ، فلا وحشة ولا قلق ، ولا ظلم يصيب المواطنين من المسؤولين والمسيطرين على
زمام الحكم. في دولة كهذه يكون طريق التكامل والتعالي مفتوحاً أمام جميع الناس ،
وباستطاعة كل فرد أن يعمل لسعادته بارتياح واطمئنان ، ويستفيد من نتائجها المهمة.
أما الدولة التي يسيطر عليها الاستبداد
والتعنت ، ولا يحترم فيها القانون والعدالة أصلاً ويفقد الحق والانصاف معناهما
فيها ... فلا حرية هناك. بل يسود سماء الأمة قلق واضطراب ويفقد الأفراد هدوءهم ،
يقضون ليلهم ونهارهم في الخوف أو يكونون عبيداً لا إرادة لهم قبال أسيادهم ، وفي
كل لحظة يمكن أن يسيئ الحاكم إلى شخص أو أشخاص من أفراده ويحمل
اسم الکتاب : الطفل بين الوراثة والتربية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 383