اسم الکتاب : الحقوق الإجتماعية في الإسلام المؤلف : مركز الرسالة الجزء : 1 صفحة : 96
وهناك عدة شواهد من السُنّة النبوية
تعطي وصايا ذهبية للوالدين في هذا المجال ، وتكشف عن الحقوق المتبادلة بين
الجانبين ، حيثُ يلزم الوالد من الحقوق لولده ، ما يلزم الولد من الحقوق لوالده ،
يقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ لهم عليك من الحقّ أن
تعدل بينهم ، كما أن لك عليهم من الحقّ أن يبرّوك
» [١] ، وأيضاً
يقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اعدلوا بين أولادكم في
النُّحْلِ ـ أي العطاء ـ كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البرّ واللّطف
» [٢].
فهنا نجد نظرة أرحب وأعمق للحق ، فكما
أنَّ للأب حق البِّر ، عليه بالمقابل حق العدالة ، فالحقوق يجب أن تكون متبادلة ،
وكلٌّ يتوجب عليه الإيفاء بالتزاماته ، ويمكن التدليل على عمق النظرة النبويّة من
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ الله تعالى يحبّ أن
تعدلوا بين أولادكم حتّى في القُبَل
» [٣] !. صحيح أنّ
القاعدة العامة في الإسلام تجاه الأبوين ، هي قاعدة الإحسان ، لا قاعدة العدل ،
فلا يسوغ للابن أن يقول : إن أبي لا يعطيني ، فأنا لا أُعطيه ، أو إنّه لا يحترمني
فلا احترمه ؛ ذلك إنّ الأب هو السبب في منح الحياة للولد وهو أصله. ولكن الصحيح
أيضاً هو أن يتبع الآباء مبدأ العدل والمساواة في تعاملهم مع ابنائهم ، ليس فقط في
الاُمور المعنوية من اعطاء الحنان والعطف والتقبيل بل أيضاً في الاُمور المادية ،
في العطيّة ، فقد وصّى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم
الآباء بقوله : « ساووا
بين أولادكم في العطيّة ، فلو كنت مفضّلاً أحداً لفضّلت النّساء
» [٤].
[١] كنز العمال ١٦ : ٤٤٦ / ٤٥٣٥٨ ، وقريب منه ما قبله برقم ٤٥٣٥٧.