اسم الکتاب : الحقوق الإجتماعية في الإسلام المؤلف : مركز الرسالة الجزء : 1 صفحة : 75
حتى في الحالات
الاضطرارية كحصول المجاعة. وكانوا يقتلون أولادهم خوفاً من الفقر ، كما في قوله
تعالى : (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق
نحن نرزقكم وإياهم) ( الانعام ٦ : ١٥١ ). وفي آية أُخرى : (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم) ( الإسراء
١٧ : ٣١ ).
والملاحظ في الآية الأولى ، إنّه تعالى
قدّم رزق الآباء على رزق الأبناء، وفي الآية الاخرى ، نجد العكس ، إذْ قدّم رزق
الأبناء على الآباء ، فما السرّ في ذلك ؟ وهل كان التعبير عفوياً ؟ بالطبع لا ؛
لأن التعبير القرآني قاصد ودقيق ، لا يقدّم كلمة أو يُؤخر أُخرى إلاّ لغاية وحكمة.
وعند التأمل العميق نجد ان قوله تعالى :
(ولا تقتلوا أولادكم من املاق) ( الانعام ٦
: ١٥١ ). توحي بأن الفقر موجود بالفعل ، والمجاعة قائمة ، ولمّا كان اهتمام الإنسان
في تلك الازمان يتمحور حول نفسه ، يخشى من هلاكها ، لذا يُطمئنه الخالق الحكيم في
هذه الآية بانّه سوف يضمن رزقه أولاً ، ومن ثم رزق أولاده في المرتبة الثانية ،
يقول له : (نحن نرزقكم وإياهم) أي يا أصحاب
الاِملاق نحن نأتي برزقهم أيضاً.
بينما في الآية التالية ، يقول تعالى : (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) ( الإسراء ١٧
: ٣١ ) ، أي : خوفاً من فقر سوف يقع في المستقبل ، وبتعبير آخر : من فقر محتمل
الوقوع ، وهنا يُطمئنه الرَّبّ تعالى بضمان رزق أبنائه أولاً ؛ لأنه يخاف إن جاءه
أولاد أن يأتي الفقر معهم فيقول له مُطمئناً : (نحن نرزقهم وإياكم).
فالمعنى ـ في الآيتين ـ ليس واحداً ،
وكلّ آية تخاطب الوالدين في ظرف معين ، ولكن تتحد الآيتان في الغاية وهي الحيلولة
دون الاعتداء
اسم الکتاب : الحقوق الإجتماعية في الإسلام المؤلف : مركز الرسالة الجزء : 1 صفحة : 75