اسم الکتاب : الحقوق الإجتماعية في الإسلام المؤلف : مركز الرسالة الجزء : 1 صفحة : 48
وهكذا نجد أنّ الله تعالى يعتبر الإحسان
إلى الوالدين ، قضية جوهرية ، فهي من الأهمية بمكان ، بحيث يبرزها ـ تارة ـ في
عالم الاعتبار بصيغة القضاء : (وقضى ربُّك ..
) ، ويجسدها ـ
تارة أُخرى ـ في عالم الامتثال بصيغة الميثاق : (وإذ أخذنا ميثاق
بني إسرائيل .. ) ، ويعتبر التعدي على حرمتهما حراماً.
وهنا لابد من التنبيه على أن القرآن
الكريم وفي العديد من آياته يؤكد على الأولاد بضرورة الإحسان إلى الآباء ، أما
الآباء فلا يؤكد عليهم الإهتمام بأبنائهم إلاّ نادراً ، وفي حالات غير عادية كأن
لا يقتلوا أولادهم خشية الاِملاق ، ويكتفي بالتأكيد على أن الاولاد زينةٌ ومتعة ،
وموضع فتنة وإغراء للوالدين ، ولم يذكرهم إلاّ مقرونين بالمال وفي موضع التفاخر.
قال تعالى : (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر
عظيم)
( الانفال ٨ : ٢٨ ) ، وقال تعالى : (
... وتفاخر بينكم
وتكاثر في الاموال والاولاد ... ) ( الحديد ٥٧ : ٢٠ ) ، والسرُّ في ذلك :
ان علاقة الوالدين بأولادهم هي أشدّ وأقوى من علاقة الأولاد بوالديهم ، فالآباء
بحكم الغريزة الطبيعية أكثر حباً للأولاد من حب الأولاد لهم ، وخصوصاً الأم التي
تلف أبناءها برداء الحنان وتضحي بالغالي والنفيس من أجلهم ، وتندفع غريزياً
وتلقائياً للقيام بما يؤمن حوائجهم ، وتعمل جاهدة من أجل صنع إكليل سعادتهم ، وعليه
فلا يحتاج الآباء إلى توجيه وتوكيد في هذا الصَّدد ، وانما يحتاجون ـ فقط ـ إلى
استجاشة الوجدان من أجل تنشئة الجيل ، تنشئة صالحة.
أما الأبناء فتعلقهم بالآباء أضعف فطرةً
من تعلق الآباء بهم. ومن هنا
اسم الکتاب : الحقوق الإجتماعية في الإسلام المؤلف : مركز الرسالة الجزء : 1 صفحة : 48