اسم الکتاب : حياة امام محمد الجواد عليه السلام المؤلف : باقر شريف القرشي الجزء : 1 صفحة : 251
( ملكت الدنيا ،
وذلّت لي صعابها ، وبلغت آرابي ).
وكان يذكر وصول الرطب في أكثر أوقاته ،
وهو يقول : آخر عهدي بأكل الرطب ، فكان كما قال : فقد ألمّت به الأمراض واشتدّت به
العلّة ، وكان نازلاً في دار خاقان المفلحي ، خادم الرشيد ، ولمّا دنا منه الموت
أمر أن يفرش له الرماد ، ويوضع عليه ، ففعل له ذلك ، وكان يتقلّب على الرماد ، وهو
يقول : ( يا من لا يزول ملكه ، ارحم من زال ملكه ) [١].
واشتدّ به النزع ، وكان عنده من يلقّنه
فعرض عليه الشهادة ، وكان ابن ماسويه الطبيب حاضراً ، فالتفت إلى من يلقّنه قائلاً
:
( دعه فإنّه لا يفرّق في هذه الحال بين
ربّه وماني .. ).
وفتح المأمون عينيه ، فقد لذعته هذه
الكلمات ، وقد أراد أن يبطش به إلاّ أنّه لم يستطع فقد عجز عن الكلام [٢] ، ولم يلبث قليلاً حتى وافاه الأجل
المحتوم ، وكان عمره ( ٤٩ سنة ) أمّا مدّة خلافته فعشرون سنة ، وخمسة أشهر وثمانية
عشر يوماً [٣]
، ويقول فيه أبو سعيد المخزومي :
وكان عمر الإمام أبي جعفر عليهالسلام في ذلك الوقت يربو على اثنين وعشرين
عاماً ، وكان ـ فيما يقول المؤرّخون ـ ينتظر موت المأمون بفارغ الصبر لعلمه أنّه
لا يبقى