فضله ، وأن لا يبالي
بإعطائه واجب تعظيمه ، فهذا هو القتل الذي هو تخليد المقتول في نار جهنم ، مخلدا
أبدا ، فجزاء هذا القتل مثل ذلك : الخلود في نار جهنم [١].
وكان الإمام زين العابدين عليهالسلام كثيرا ما يستشهد بآيات من القرآن
ويستدل بها ، وعندما يجد مناسبة يعرّج على تطبيق ذلك على الحالة الاجتماعية
المتردّية التي كان يعيشها المسلمون.
ففي
الخبر : إنه عليهالسلام
كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل ، ويحكي قصتهم ( المذكورة في
القرآن ) فلما بلغ آخرها ، قال : إن الله تعالى مسخ أولئك القوم ، لاصطيادهم
السمك!
فكيف
ترى ـ عند الله عز وجل ـ يكون حال من قتل أولاد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وهتك حريمه؟
إن
الله تعالى ، وإن لم يمسخهم في الدنيا ، فإن المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف
أضعاف عذاب المسخ[٢].
إن تصدّي الإمام زين العابدين عليهالسلام لهذه القضايا ، لاشك أنه أكثر من مجرد
تعليم وتفسير للقرآن ، بل هو تطبيق له على الحياة المعاصرة ، وتحريك للأفكار ضدّ
الوضع الفاسد الذي تعيشه الأمة ، ولا ريب أن ذلك يعتبره الحكام تحديا سياسيا
يحاسبون عليه.
ومن فلتات التاريخ أنه خلّد لنا من
التراث صفحة من القرآن الكريم ، منسوبة كتابتها الى خط الإمام زين العابدين عليهالسلام.
والعجيب أن هذه الصفحة تبدأ بقوله تعالى
: ( الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ ) ، وتنتهي بآيات
الجهاد : قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ )[٣]
[ سورة الأنفال [٨]
الآيات ٤١ ـ ٤٥ ].