responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جهاد الامام السجّاد المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 171

تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) [ الحديد «٥٧» الآية : ٢٣ ] [١].

ومن أظرف أمثلة مواعظه ، ما روي عنه من الخطاب الموجّه الى « النفس » يقول : « يا نفس ، حتام الى الدنيا سكونك ، والى عمارتها ركونك ، أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك؟ ومن وارته الأرض من ألاّفك؟ ومن فجعت به من إخوانك؟ ونقل الى الثرى من أقرانك؟

فهم في بُطونهم الأرض بعد ظهورها

محاسنهم فيها بَوالٍ دوائرُ

خلت دورهم منهم وأقوت عِراصُهم

وساقتْهم نحو المنايا المقادر

وخلّوا عن الدنيا وما جمعوا لها

وضمَّهم تحت التراب الحفائرُ [٢]

وهكذا يسترسل الإمام عليه‌السلام مع النفس في خطاب رقيق ، وحساب دقيق ، ويناجيها ، يعرض عليها العبر ، ويذكّرها بما فيه مزدجر ، ويبعّدها عن الدنيا وزينتها والغرور بها ، ويقرّبها الى الآخرة ونعيمها وما فيها من جوار الله ورحمته ، في مقاطع نثريّة رائعة ، تتلوها معان منظومة ، في ثلاثة أبيات بعد كل مقطع ، بلغت (١٨) مقطعا [٣].

وهكذا ، لم يترك الإمام عليه‌السلام طريقا إلاّ سلكه ولا جهدا إلا استنفده ، ليدرك الامة كيلا تقع في هوّة الانحراف ، وحياة الترف التي صنعتها لها آل اُمية!


[١] تحف العقول ( ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ).

[٢] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( الحديث ١٣٥ ) ومختصره لابن منظور ( ١٧ : ٢٤٩ ـ ٢٥٤ ) ونقله ابن كثير في تاريخ البداية والنهاية ( ٩ : ١٠٩ ـ ١١٣ ).

وانظر عوالم العلوم ( ص ١٢٤ ) عن المناقب لابن شهر آشوب ( ٣ / ٢٩٢ ) وبحار الأنوار ( ٤٦ / ٨٣ ).

[٣] وقد نسب كتاب منظوم الى الإمام السجاد عليه‌السلام باسم « المخمسات » في نسخة محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي قدس‌سره ، ذكرها السيد أحمد الحسيني في التراث العربي في تلك الخزانة ( ٥ / ٢٨ ) أوله :

تـبارك ذو العـلى والكـبرياء

تـفرد بـالـجلال وبـالبقاء

وسوّى الموت بين الخلق طُـرّا

وكلهم رهائن للفناء

رقم النسخة (٥٥٥٧) وتاريخها (٩٠٣).

اسم الکتاب : جهاد الامام السجّاد المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 171
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست