ومن أظرف
أمثلة مواعظه ، ما روي عنه من الخطاب الموجّه الى « النفس » يقول : « يا نفس ،
حتام الى الدنيا سكونك ، والى عمارتها ركونك ، أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك؟ ومن
وارته الأرض من ألاّفك؟ ومن فجعت به من إخوانك؟ ونقل الى الثرى من أقرانك؟
وهكذا يسترسل الإمام عليهالسلام مع النفس في خطاب رقيق ، وحساب دقيق ،
ويناجيها ، يعرض عليها العبر ، ويذكّرها بما فيه مزدجر ، ويبعّدها عن الدنيا
وزينتها والغرور بها ، ويقرّبها الى الآخرة ونعيمها وما فيها من جوار الله ورحمته
، في مقاطع نثريّة رائعة ، تتلوها معان منظومة ، في ثلاثة أبيات بعد كل مقطع ،
بلغت (١٨) مقطعا [٣].
وهكذا ، لم يترك الإمام عليهالسلام طريقا إلاّ سلكه ولا جهدا إلا استنفده
، ليدرك الامة كيلا تقع في هوّة الانحراف ، وحياة الترف التي صنعتها لها آل اُمية!
[٢] رواه ابن عساكر
في تاريخ دمشق ( الحديث ١٣٥ ) ومختصره لابن منظور ( ١٧ : ٢٤٩ ـ ٢٥٤ ) ونقله ابن
كثير في تاريخ البداية والنهاية ( ٩ : ١٠٩ ـ ١١٣ ).
وانظر عوالم العلوم
( ص ١٢٤ ) عن المناقب لابن شهر آشوب ( ٣ / ٢٩٢ ) وبحار الأنوار ( ٤٦ / ٨٣ ).
[٣] وقد نسب كتاب
منظوم الى الإمام السجاد عليهالسلام
باسم « المخمسات » في نسخة محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي قدسسره ، ذكرها السيد أحمد الحسيني في التراث
العربي في تلك الخزانة ( ٥ / ٢٨ ) أوله :