إن الإمام زين العابدين عليهالسلام بهذا الجهاد الظريف يحرق ما كدّسه بنو
اُمية طوال السنين المظلمة لحكمهم من أطنان الكذب والافتراء ضدّ علي عليهالسلام ، وينسف كل الاُسس التي بنوا عليها
ظلمهم وجورهم لسيد العترة وزعيم أهل البيت الطاهر أمير المؤمنين علي عليهالسلام.
٣ ـ إنارة السبيل للعُبّاد والصالحين :
إن الإمام زين العابدين عليهالسلام وهو يمثّل الإسلام في تصرفاته وأقواله
، كان المثل الأفضل للعبّاد والصالحين ، ومن أراد أن يدخل هذا المسلك الشريف فله
من الإمام عليهالسلام خير دليل
ومرشد ، ومن أقواله خير منهج وطريقة.
وقد رسم خطوطا
عريضة للسير والسلوك ، تمثّل أفضل ما قرّره علماء هذا الفنّ ، وإليك أمثلة من تلك
:
فقال
عليهالسلام : إنّ قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد
، وآخرين عبدوه رغبة فتلك عبادة التجّار ، وقوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة
الأحرار [١].
فربط بين الحرية ، وبين عبادة الله ،
وبين الروح غير الخانعة ولا الطامعة بل المتطلّعة الى الله ، والمتقرّبة الى
رضوانه ، بالتزام العبادة له ، والطالبة للمزيد بالشكر ، حيث وعد وقال : ( لَئِن شَكَرْتُمْ
لأَزِيدَنَّكُمْ )
[ سورة إبراهيم (١٤) الآية ٧ ].
وسئل
عليهالسلام : عن صفة الزاهد في الدنيا؟
فقال
: يتبلّغ بدون قوته ، ويستعد ليوم موته ، ويتبرّم في حياته [٢].
وقال
له رجل : ما الزهد؟
فقال
عليهالسلام : الزهد عشرة أجزاء :
فأعلى
درجات الزهد ، أدنى درجات الورع ، وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين ، وأعلى
درجات اليقين أدنى درجات الرضا ، وإن الزهد في آية من كتاب الله ( لِكَيْلَا
[١] تاريخ دمشق (
الحديث ١٤١ ) وهذا من كلام الإمام علي أمير المؤمنين عليهالسلام
رواه الرضي في نهج البلاغة بالارقام ( ٦٥ و ٢٣٧ و ٢٧٦ ) من الباب الثالث : قصار
الحكم.