فالمراقبة واضحة في أخذ الإمام « مقادير
الكعبة » لئلاّ تضيع المعالم الأثرية لأكبر محور لرحى الدين ، وهي الكعبة الشريفة.
وإذا كانت تلك المراقبة تتمّ في ظرف
ولاية مثل الحجّاج الملحد السفّاح الناصب لآل محمد العداء المعلن ، فلن تخفى
أهميّتها ، ودلالتها القاطعة على التحدّي.
ومواجهة الحجّاج بمثل ذلك الكلام « كأنك ترى أنه تراث لك!
» تصّد لانتهاكه لحرمة الكعبة المعظّمة ، والتلاعب بها حسب رغباته الخاصة.
وأهم ما في الأمر جرّ الحجّاج الى
التصريح بأن الإمام « هو
مَعْدِن ذلك » وهي شهادة لها
وقعها في الإلزام والإبكات للخصم اللدود.
وأخيرا : نزول الإمام عليهالسلام الى القواعد ـ وحده ـ وربطه لنفسه بها
بذلك الشكل أمام أعين الناظرين ، إثبات لحقّه في إقامتها دون غيره.
وهل كلّ ذلك يتهيّأ إلاّ من التدبير
العميق ، والتخطيط الدقيق ، ممّن يحمل هدفا ساميا في قلب شجاع ، لا يملكه في تلك
الظروف الحرجة ، شخص غير الإمام السجّاد زين العابدين عليهالسلام.
__________________
(١) نقله ابن شهر آشوب في
المناقب ( ٤ / ١٥٢ ) ط الأضواء ، عن الكافي وعلل الشرائع للصدوق.