فليت يا شعري كيف لم
يستحي من اللّه و رسوله و قد بارز أهل بيته بالعداوة و نصب الغوائل لهم و الوقيعة
في أسفارهم و انسارهم[1] أجسادهم؟!
ثمّ عقد الأمر عند موته و ولاية عهده لابنه يزيد الّذي لا يوازيه كافر، و لا يلحقه
فاجر، أكفر الخلق باللّه، و أبغضهم للحقّ و أهله، و أشدّ الخلق تهتّكا مع خلعه
جلباب الحياء، و تظاهره بشرب الخمور، و تعاطي الزنا و الفجور، و سفك الدماء
المحرّمة، و غصب الأموال المحترمة، فعليه و على أبيه أشدّ العذاب و أعظم النكال، و
اللّه لو واروه في حفرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يغن عنه ذلك من اللّه
شيئا، كما لم يغن عن الأوّلين الّذين دفنا إلى جانبه صلّى اللّه عليه و آله و
نزّهه اللّه عنهما و نقلهما عنه، وَ قِيلَ لهما ادْخُلَا
النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ[2] و هو يرجو مع
قبيح فعله الشفاعة من النبيّ، و يتبرّك بشعره و ظفره، و اللّه يقول:
ثمّ انقطع كلام معاوية و
لم ينطق بشيء، و خرج يزيد على عادته في التهتّك و اللهو و الصيد في يومه ذلك إلى
نواحي حوران للنزهة و الصيد و ترك أباه بحاله، و قال للضحّاك بن قيس: انظر لا تخف
عليّ شيئا من أمره، و توفّي معاوية من غد و ليس يزيد حاضر، فكان ملكه عليه اللعنة
تسع عشرة سنة و ثلاثة أشهر، و مات بدمشق يوم الأحد لأيّام خلت من شهر رجب سنة
ستّين، و هو ابن ثمان و سبعين سنة.
[كتاب الضحّاك بن قيس
ليزيد يخبره بموت معاوية، و قدوم يزيد لدمشق]
قال: فخرج الضحّاك من
دار معاوية لا يكلّم أحدا و الأكفان معه حتى دخل المسجد الأعظم و نودي له في
الناس، فصعد المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه،