و ما عسى أن أقول في وصف قوم حنيت جوانحهم على بغض الوصيّ و
عترته، و بنيت جوارحهم على إنزال الأذى بمواليه و شيعته: يسلقون المؤمنين بألسنة
حداد، و يقصدون الصالحين بالبغي في كلّ ناد، و يتشادقون[1] بغيبتهم في محاضرهم و مجامعهم، و
يعلنون بسبّهم عقيب جمعهم في جوامعهم، يعدّون يوم عاشوراء من أعظم أعيادهم و
زينتهم، و يسمّونه فجورا رأس سنتهم، و يعتقدون طبخ الحبوب تلك الليلة من أعظم
سنتهم، و المصافحة بالأكفّ المخضوبة في ذلك اليوم من أفضل طريقهم و سنتهم، و يتهادون
بالتحف و الهدايا في المنازل، و يتباركون بإذخار الأدوية و الأشربة من ذلك اليوم
إلى قابل، و يقصدون بالأذى من بكى فيه على آل الرسول، و يتجسّسون على من جلس
لتعزية الطاهرة البتول.
و ليس ذلك بعجيب من
نفاقهم، و لا بغريب من شقاقهم، فقد ارتضعوا بغض الامام الوصيّ من أخلاف[2] اخلافهم، و
اشربوا هجر آل النبيّ من آبائهم و أسلافهم، أغصان الشجرة الملعونة في القرآن، و
أفنان[3] دوحة البغي و
العدوان، الذين أعلنوا بسبّ اللّه و رسوله على منابرهم، و دلّ قبح ظاهرهم على خبث
سرائرهم، كم أظهروا الفساد في البلاد، و أشهروا العناد في العباد؟
و زيّن الشيطان للناس
اتّباعهم، و صيّر علماءهم أشياعهم و أتباعهم، فبذلوا لهم
[1] المتشدّقون: المتوسّعون في الكلام من غير
احتياط و احتراز، و قيل: المتشدّق:
المستهزئ بالناس يلوي شدقه بهم و
عليهم.« لسان العرب: 10/ 173- شدق-».
[2] الأخلاف: جمع خلف- بالكسر- و هو الضرع لكلّ
ذات خفّ و ظلف.« لسان العرب:
9/ 92- خلف-».
و مراده أنّهم ارتضعوا بغض الامام
من آبائهم الماضين.
[3] الفنن: الغصن، و قيل: الغصن القضيب يعني
المقضوب، و الفنن: ما تشعّب منه، و الجمع أفنان.« لسان العرب: 13/ 327- فنن-».