فقال: ادن منّي، فدنا
منه، فضمّه إليه و نزع خاتمه من يده، فقال: خذ هذا فضعه في يدك، و دعا بسيفه و
درعه و جميع لامته، فدفع ذلك إليه، و التمس عصابة كان يشدّها على بطنه إذا لبس
الدرع، و روي أنّ جبرئيل أتاه بها من السماء، فجيء بها إليه، فدفعها إلى عليّ و
قال: اقبض هذا في حياتي، و دفع إليه بغلته، و قال: امض على اسم اللّه إلى منزلك.
ثمّ اغمي على رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله، و حضر وقت الصلاة، و أذّن بلال، و نادى: الصلاة يا رسول
اللّه.
ففتح صلّى اللّه عليه و
آله عينيه و قال: ادعوا لي حبيبي، فجعل يعرض عليه رجل فرجل و هو يعرض عنه، إلى أن
حضر أمير المؤمنين فتهلّل وجهه، ثمّ قال: يا بلال، هلمّ عليّ بالناس، فأجمع الناس.
[الصلاة الأخيرة
للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالناس]
فخرج صلّى اللّه عليه و
آله متوكّئا على أمير المؤمنين بيده اليمنى، و على الفضل بن العبّاس باليد الاخرى،
متعصّبا بعمامته، متوكّئا على قوسه، فصلّى بالناس جالسا، و قد كانت عائشة قد أرسلت
إلى أبيها أن يصلّي بالناس، فنحّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و صلّى.
ثمّ قام و صعد المنبر،
فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس، إنّه قد حان منّي خفوق من بين
أظهركم، فأيّ نبيّ كنت لكم؟ أ لم اجاهد بين أظهركم، أ لم تكسر رباعيتي؟ أ لم يعفّر
جبيني؟ أ لم تسل الدماء على حرّ وجهي حتى لثقت[1] لحيتي؟ أ لم اكابد الشدّة و الجاهد
مع جهّال قومي؟ أ لم أربط حجر المجاعة على بطني؟