إن شجاعة أبي الفضل قد أدهشت أفذاذ
الشعراء ، وصارت مضرب المثل على امتداد التأريخ ، ومما زاد في أهميتها انّها كانت
لنصرة الحق والذبّ عن المثل والمبادئ التي جاء بها الإسلام ، وانها لم تكن بأي حال
من أجل مغنم مادي من مغانم هذه الحياة.
٢ ـ الإيمان
بالله :
أمّا قوّة الإيمان بالله ، وصلابته
فانها من أبرز العناصر في شخصية أبي الفضل عليهالسلام
، ومن أوليات صفاته ، فقد تربّى في حجور الإيمان ومراكز التقوى ، ومعاهد الطاعة
والعبادة لله تعالى ، فقد غذّاه أبوه زعيم الموحّدين ، وسيّد المتّقين بجوهر الإيمان
، وواقع التوحيد ، لقد غذّاه بالإيمان الناشىء عن الوعي ، والتدبّر في حقائق الكون
، وأسرار الطبيعة ، ذلك الإيمان الذي اعلنه الإمام عليهالسلام
بقوله : « لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً » وقد تفاعل هذا الإيمان العميق في
أعماق قلب أبي الفضل وفي دخائل ذاته حتى صار من عمالقة المتقين والموحّدين ، وكان
من عظيم إيمانه الذي لا يحد أنّه قدم نفسه واخوته وبعض أبنائه قرابين خالصة لوجه
الله تعالى.
لقد جاهد العبّاس ببسالة دفاعاً عن دين
الله ، وحماية لمبادئ الإسلام التي تعرّضت للخطر الماحق أيّام الحكم الأموي ، ولم
يبغ بذلك إلاّ وجه الله والدار الآخرة.