اسم الکتاب : العباس بن علي عليهما السلام المؤلف : باقر شريف القرشي الجزء : 1 صفحة : 141
حازت المجد والشرف
بذلك ، فقد آوت سليل هاشم وسفير ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وتحمّلت المسؤولية من السلطة بضيافتها له.
وأدخلت السيّدة ضيفها العظيم في بيت غير
البيت الذي كانت تأوي إليه ، وجاءته بالضياء والطعام ، فأبى أن يأكل ، فقد مزّق الأسى
قلبه الشريف ، وأيقن بالرزء القاصم ، وتمثّلت أمامه الأحداث التي سيواجهها ، وقد
شغل فكره الإمام الحسين عليهالسلام
الذي كتب إليه بالقدوم إلى الكوفة وانّه سيلاقي ما لاقاه.
ولم يمض قليل من الوقت حتى قدم بلال ابن
السيدة طوعة ، فرأى أمّه تكثر من الدخول والخروج إلى البيت الذي فيه مسلم لتقوم
بخدماته ورعايته ، فأنكر عليها ذلك ، وسألها عن السبب فأبت أن تخبره ، فألحّ عليها
، فأخبرته بالأمر بعد أن أخذت عليه الاَيمان والمواثيق بالكتمان ، وطارت نفس
الخبيث فرحاً وسروراً ، وأنفق ليله ساهراً يترقّب بفارغ الصبر انبثاق نور الفجر
ليخبر السلطة بمقام مسلم عندهم ليتزلّف بذلك إليها ، وينال الجائزة منها ، وقد
تنكّر هذا الوغد لجميع الأعراف ، والأخلاق العربية التي تلزم بقرى الضيف ، وحمايته
من كل مكروه ، وكانت هذه الظاهره سائدة حتى في العصر الجاهلي ، وقد دلّ ما فعله
هذا الجلف على انهيار القيم الأخلاقية والانسانية ليس عنده فحسب ، وانّما في
أغلبية ذلك المجتمع الذي فقد جميع ما يسمو به الإنسان من القيم الكريمة.
وعلى أيّ حال فقد قضى سليل هاشم ليله
حزيناً قلقاً مضطرباً ، وقد خلص في معظم الليل إلى العبادة ما بين الصلاة وقراءة
القرآن ، فقد أيقن أن تلك الليلة هي آخر آيّام حياته ، وقد خفق في بعض الليل فرأى
عمّه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام
في منامه فأخبره بسرعة اللحاق به ، فعند ذلك أيقن بدنوّ
اسم الکتاب : العباس بن علي عليهما السلام المؤلف : باقر شريف القرشي الجزء : 1 صفحة : 141