اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 348
ويناضلون فلا يبلغون
، وقد تجاوز السيل الزبى.
ومما زاد في حراجة موقف الإمام أن أسلس
معاوية القياد للهوى ، وجدد لنفسه حياة تتلائم ومتطلبات النفوس الحالمة بالترف والمجون
وأطايب النعم ، فتأنق بالمأكل والمشرب وصف الألوان بما لا عهد للعرب فيه ، وتزين
بالحلل الثمينة متشبهاً بالروم والقياصرة ، ونهب من مال الله ومال المسلمين ما
أرضى به جشع أهل الدنيا ، فصفت له الحياة ، وخضعت له الأعناق. وكان علي عليهالسلام يدير حكماً إسلامياً خالصاً ، وكان
معاوية يدير ملكاً هرقلياً ، يتألف الرجال بالمال ، ويبذر الفيء كما يشاء ، ويزيد
من الشهوات كما تتطلب النفوس ، وعلي عليهالسلام
يقسم المال بالسوية ، ويتحرج من أدنى شيء ورعاً ، ويأخذ نفسه بشطف العيش ، ونشأ
جيل متمرد من أبناء المسلمين ، فرأو الحياة بمباهجها مع معاوية ، واستفاق البداة
فطلبوا الرفاهية عند معاوية ، فمال هؤلاء وهؤلاء إلى معاوية ، فاستقبلهم بالأحضان
، يغري الأشراف ، ويعتضد بالسواد ، وعاد مغرب الدولة الإسلامية عند معاوية بهذه
الصورة ، وكان مشرق الدولة الإسلامية بيد علي عليهالسلام
لا يلين ولا يستلين ، فأتسق لمعاوية ما أراد ، وبُلي الإمام بتواكل أصحابه ،
وخذلان أهل العراق حتى ملهّم وملّوه ، وحتى دعا ربّه تعالى أن يبدله خيراً منهم ،
وأن يبدلهم شراً منه ، فأبدله الله خيراً ، وأبدلهم شراً ، وكانت المؤامرة الكبرى
التي أطاحت بالإمام ونظام الإسلام معاً. تلك المؤامرة التي ساعد عليها الزمان
والمكان ، وتولى تنفيذها المخططون من وراء الحدود العراقية ، وداخل الأراضي
العراقية ، حتى فجعت الأمة بأمثل قائد جسد سيرة النبي وقيادته.
اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 348