اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 285
(٨)
معركة صفّين ... وإنحياز الخوارج
امتلك عليٌّ عليهالسلام مشرعة الفرات في صفين فأباح الماء لأهل
الشام كما رأيت ، وقد أصبح جيشه وجهاً لوجه مع جيش معاوية ؛ وكان ذو الحجة من عام
ستة وثلاثين للهجرة ، ومحرم من عام سبعة وثلاثين مجالاً للمحاورة وسجالاً بالسفراء
، عسى أن يجديا نفعاً كما أراد عليٌّ عليهالسلام
، فلم يعكر صفواً ، ولم يتصنع غضباً ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويذكر أهل
الشام بمنزلته وسابقته ، وكان معاوية يشحنهم بدعوى الطلب بثأر عثمان ، وكثرت الرسل
بين الطرفين ، وعلا الإختصام والإحتجاج ، ولم يبلغ أحد من أحد شيئاً ، وكان لا بد
بعد فشل الخصام باللسان أن يتطور إلى الخصام بالسيف ، فكانت الكتيبة من جيش الإمام
تخرج إلى الكتيبة من جيش معاوية ، وكان الفريق من أهل الشام يقاتل الفريق من أهل
العراق ، وكانت الحرب سجالاً نهاراً أو بعض النهار ويحجز بينهما الليل ، وكان لا
بد لهذه الحالة أن تتصاعد ، ولهذا الصراع أن يستحكم ، ولهذه المجابهة أن تتحفز ،
وما مضى شطر من صفر إلا استقتل هؤلاء وهؤلاء ، ودنا أولئك من أولاء ، فكانت الحرب
الطاحنة الشاملة التي يشيب لهولها الوليد.
وكان الجيشان على نحو من الكثرة والعدد
، فبين مبالغ فيه من المؤرخين ، وبين معتدل ، فجيش علي مائة ألف مقاتل فيما يزعمون
،
اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 285