اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 247
(٣)
المتمرّدون في مجابهة الإمام متظاهرين بالثأر
لعثمان
لم تقعد بعليّ عليهالسلام حنكته السياسية ، ولم تعجزه مقدرته
الإدارية عن اتخاذ الاجراءات الكفيلة بخنق الأنفاس ، وكبت الحريات ، ومنع التصرف ،
فقد كان بامكانه إحتجاز طلحة والزبير في المدينة وصرفهما عن وجههما إلى مكة ، وقد
كان بمقدوره فرض الإقامة الجبرية عليهما ، ومتابعتهما أمنياً بالعيون ، ولكنه ذو
سياسة يتمحض عنها الإيمان بأدق معانيه ، وذو إدارة يلقي بثقلها الإسلام بأصدق
مفاهيمه ، فليس للضغط مستقر في منظوره ، ولا للإكراه سبيل إلى إدارته ، أراد أن
يذيق الناس مفهوم الحرية بأوسع معاييرها الفذة ، وأن يحمل الناس على سنن الإسلام
وإن أرهقته ، وأن يتجمل بالصبر تارة ، وبالأناة تارة أخرى في إمتصاص الأحداث وهو
على بصيرة من أمره ، وسيأتي في سياسته مع الخوارج ما يدل على ذلك.
والمنطق الإسلامي يقضي على علي عليهالسلام أن يحكم بالظاهر ، فليس له إلى القلوب
سبيل وإن أدرك خفايا النيات ، واستقرأ الغيب المجهول ، وهو على صحة من عزيمته وصدق
من نيته ، يعلم بما يضمر طلحة والزبير من الغدر والنكث والخلاف ، ولكنه تركهما
ييممان شطر البيت الحرام لأنهما أظهرا العمرة وإن أرادا سواها.
وقد قصد مكة المكرمة ولاة عثمان
المعزولون لأنها حرم آمن لا
اسم الکتاب : الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته في ضوء المنهج التحليلي المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 247