اسم الکتاب : الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ المؤلف : الكعبي، علي موسى الجزء : 1 صفحة : 55
من المدينة إلى سامراء
ذكر المسعودي « أن يحيى بن هرثمة قدم
المدينة ، فأوصل الكتاب إلى بريحة ، وركبا جميعاً إلى أبي الحسن عليهالسلام فأوصلا إليه كتاب المتوكل ، فاستأجلهما
ثلاثاً ، فلما كان بعد ثلاث عاد يحيى إلى داره فوجد الدواب مسرجة والأثقال مشدودة
قد فرغ منها ، وخرج صلوات الله عليه متوجهاً نحو العراق ، وأتبعه بريحة مشيعاً ، فلما
صار في بعض الطريق ، قال له بريحة : قد علمت وقوفك على أني كنت السبب في حملك ، وعليَّ
حلف بأيمان مغلظة لئن شكوتني إلى أمير المؤمنين أو إلى أحد من خاصته وأبنائه ، لأجمرنّ
نخلك ، ولأقتلنّ مواليك ولأعورنّ عيون ضيعتك ، ولأفعلن وأصنعن.
فالتفت إليه أبو الحسن عليهالسلام فقال له : إن أقرب عَرضي إياك على
الله البارحة ، وما كنت لأعرضنك عليه ثم لاشكونك إلى غيره من خلقه.
فانكبّ عليه بريحة وضرع إليه واستعفاه. فقال له : قد عفوت عنك
» [١]. وهكذا تجد
بريحة يهتزّ من كلام الإمام عليهالسلام
فينكبّ عليه ويتضرع إليه ، رغم أنّه في موقع القوة ، وهذه هي هيبة أولياء الله في
قلوب أعدائه ، وتلك هي أخلاقهم وسماحتهم لمن أساء إليهم.
ونقل سبط ابن الجوزي عن علماء السير : «
أن المتوكل دعا يحيى بن هرثمة وقال : اذهب إلى المدينة ، وانظر حاله وأشخصه إلينا ،
قال يحيى : فذهبت إلى المدينة ، فلما دخلتها ضجّ أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس
بمثله خوفاً على علي ، وقامت الدنيا على ساق ، لأنّه كان محسناً إليهم ملازماً
للمسجد ، ولم يكن