اسم الکتاب : منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال المؤلف : الأسترآبادي، محمد بن علي الجزء : 1 صفحة : 313
بصيرتك، و نزع عن الباطل و لم
يعمّ في طغيانه بعمه[1]، فإنّ تمام النعمة دخولك
الجنّة، و ليس من نعمة و إن جلّ أمرها و عظم خطرها إلّا و الحمد للّه تقدّست
أسماؤه عليها يؤدّي[2] شكرها.
و
أنا أقول: الحمد للّه مثل ما حمد اللّه به حامد إلى أبد الآبد بما منّ به عليك من
نعمته، و نجّاك من الهلكة، و سهّل سبيلك على العقبة، و ايمّ اللّه إنّها لعقبة
كؤود، شديد أمرها، صعب مسلكها، عظيم بلاؤها، طويل عذابها، قديم في الزبر الاولى
ذكرها، و لقد كانت منكم أمور في أيّام الماضي عليه السّلام إلى أن مضى لسبيله صلّى
اللّه على روحه. و في أيّامي هذه كنتم فيها غير محمودي الشأن و لا مسدّدي التوفيق.
و
اعلم يقينا يا إسحاق: أنّ من خرج من هذه الحياة الدنيا أعمى فهو في الآخرة أعمى و
أضلّ سبيلا، إنّها- يا ابن إسماعيل- ليس تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب الّتي في
الصدور، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ في محكم كتابه للظالم: رَبِّ
لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قال
اللّه عزّ و جلّ: كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ
تُنْسى[3].
و
أيّ آية- يا إسحاق- أعظم من حجّة اللّه عزّ و جلّ على خلقه، و أمينه في بلاده، و
شاهده على عباده من بعد ما سلف من
[1] في الحجريّة و هامش« ت»: بعمته، و في المصدر: نعمه.
العمه- محركة- التردّد في الضلال،
و التحيّر في منازعة أو طريق، أو أن لا يعرف الحجّة. انظر القاموس المحيط 4: 288.