اسم الکتاب : كليات في علم الرجال المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 426
نحو ما تفيده كلمة
التفويض ، لما احتاج إلى إذنه وإجازته المجددة ، ولما كان للجملة المذكورة أي معنى
، فالحاصل أن ما صدر من النبي لم يكن بصورة التشريع القطعي ، بل كان دعاء وطلباً
من الله سبحانه لما وقف على مصالح في ما دعاه وقد استجاب دعاءه كما يفيده قوله في
الحديث « فأجاز الله عز وجل له ذلك ».
قال العلاّمة المجلسي : « التفويض في
أمر الدين يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون الله تعالى فوض إلى
النبي والأئمة عموماً أن يحلوا ما شاءُوا ويحرّموا ما شاءُوا من غير وحي وإلهام ،
أو يغيروا ما اُوحي اليهم بآرائهم ، وهذا باطل لا يقول به عاقل ، فان النبي كان
ينتظر الوحي أياماً كثيرة لجواب سائل ، ولا يجيبه من عنده وقد قال تعالى ( وما ينطق
عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )
النجم : ٤.
وثانيهما : أنه تعالى لما أكمل نبيه
بحيث لم يكن يختار من الاُمور شيئاً إلا ما يوافق الحق والصواب ، ولا يخطر بباله
ما يخالف مشيئته تعالى في كل باب ، فوض اليه تعيين بعض الامور كالزيادة في الصلاة
وتعيين النوافل في الصلاة والصوم ، وطعمة الجدّ وغير ذلك ممّا مضى وسيأتي ،
اظهاراً لشرفه وكرامته عنده ، ولم يكن أصل التعيين إلا بالوحي ، ولم يكن الاختيار
إلا بالالهام ، ثم كان يؤكد ما اختاره بالوحي ، ولا فساد في ذلك عقلاً ، وقد دلت
النصوص المستفيضة عليه ممّا تقدم في هذا الباب وفي أبواب فضائل نبينا من المجلد
السادس.
ولعلّ الصدوق رحمهالله أيضاً إنما نفى المعنى الأول ، حيث قال
في الفقيه : « وقد فوض الله عز وجل إلى نبيه أمر دينه ، ولم يفوض اليه تعدّي حدوده
» وأيضاً هو رحمهالله قد روى
كثيرا من أخبار التفويض في كتبه ولم يتعرض لتأويلها.
اسم الکتاب : كليات في علم الرجال المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 426