اسم الکتاب : دروس موجزة في علمي الرجال والدراية المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 103
إذا عرفت ذلك : فاعلم أنّ نسبة ما اشتهر
إلى ابن أبي عمير لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به ، ترجع إلى الشيخ كما عرفت.
ولا تقصر شهادةُ الشيخ على التسوية ، عن
شهادة الكشي على إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عن جماعة ، فلو كانت الشهادة
الثانية مأخوذاً بها ، فالأُولى مثلها في الحجّية ، وليس التزام هؤلاء بالنقل عن
الثقات أمراً غريباً ، إذ لهم نظراء بين الأصحاب ، أمثال : أحمد بن محمد بن عيسى
القمي ، ومحمد بن بشير البجلي ، ومحمد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني ، وعلي بن
الحسن الطاطري ، والرجالي المعروف النجاشي ، الذين اشتهروا بعدم النقل إلاّ عن
الثقة ، وقد عرفت أحوالهم كما وقفت على أنظارنا فيهم.
وأمّا اطّلاع الشيخ على هذه التسوية
فلأنّه كان بصيراً بأحوال الرواة وحالات المشايخ ، ويعرب عن ذلك ما ذكره في «
العدّة » عند البحث عن حجّية خبر الواحد ، حيث قال :
إنّا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال
الناقلة لهذه الأخبار ، فوثّقت الثقات منهم ، وضعّفت الضعفاء ، وفرّقوا بين من
يُعتمد على حديثه وروايته ، ومن لا يُعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم ، وذمّوا
المذموم ، وقالوا فلان متّهم في حديثه ، وفلان كذّاب ، وفلان مخلِّط ، وفلان مخالف
في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفيّ ، وفلان فطحيّ ، وغير ذلك من الطعون التي
ذكروها. [١]
وهذه العبارة ونظائرها ، تعرب عن تبحّر
الشيخ في معرفة الرواة وسعة اطّلاعه في ذلك المضمار ، فلا غرو في أن يتفرّد بمثل
هذه التسوية ، وإن لم ينقلها أحد من معاصريه ولا المتأخّرون عنه إلى القرن السابع
إلاّ النجاشي ، فقد صرّح بما