اسم الکتاب : نظريّة النقد العربي رؤية قرآنيّة معاصرة المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 16
وقد وجد عبد القادر في استعماله لهذا
الاصطلاح غرابة نظراً نظراً لجدته في مجاله الخاص به ، وخشي أن ينكر عليه النقاد
ذلك فتستر بالجاحظ كلمة التصوير لم تكن واضحة تماماً ، إذ التصوير عند الجاحظ ـ
كما يبدو من سياق تعبيره ـ لا يتعدى حدود الجهد العقلي أو العملي الذهني في صياغة
الشعر ، وهو أجنبي عن مصطلح عبد القاهر الذي استعمله مبتكراً له ومبتدعاً لمدلوله.
فالجرجاني بهذا قد أعطى للصورة رؤية جديدة ، وما ذكره دقيق جداً ، فالصورة عنده
ليست هي نفس الشيء ، وإنما هي مميزاته المفرقة له عن غيره ، وهذه المميزات قد تكون
في الشكل وقد تكون في المضمون ، لأن الصورة مستوعبة لهما ، والنظرة لأحدهما لا بد
أن تنعكس على الآخر.
لهذا فإن ما أبداه عبد القاهر ، يصلح أن
يكون نواة لما استقر عليه المصطلح النقدي الأصيل للصورة لدى المحدثين. وليس هنا
مجال للتفصيل في الاستدلال على صحة هذا الرأي ، لأننا سبق وأن بحثناه في خطوطه
العريضة[١]
، إلا أننا سنلمح له في المقارنة كما سيأتي.
وأما ما أبداه التهانوي ، وهو من
المتأخرين عن عصر عبد القاهر كثيراً ، فقد ترجم رأي عبد القاهر في استجلاء الفروق
والمميزات فيما يحصل في الذهن من معلومات ، هذا لو أراد الصورة في مصطلحها الفني ،
أو لو حملنا كلامه على الصورة في اصطلاح الفلاسفة ـ وهي تعني الهيولي في مقابل
المادة عند القوم ـ فحديثه لا يعنينا حينئذ ، ويحمل كلامه على ما حمل عليه كلام من
سبقه.
[١] ظ المؤلف : الصورة الأدبية في الشعر الأموي : ٢٠ ـ ٣٥.
اسم الکتاب : نظريّة النقد العربي رؤية قرآنيّة معاصرة المؤلف : الصّغير، محمد حسين علي الجزء : 1 صفحة : 16