« انّ القدرية أرادوا أن يصفوا الله عز
وجل بعدله فأخرجوه من قدرته وسلطانه » [١].
فلقد كشف الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام النقاب ، منذ بداية نشوء مذهب الاعتزال
[٢] عن الدوافع
الأوّلية لمثل هذا الاعتقاد ، وأعلن منذئذ عن فساده ، وعلة بطلانه ، لأنّه يحدّد
قدرة الله.
ولو أمعنوا النظر في كيفية صدور الفعل
عن الإنسان ، وكيفية فاعليته ، مع المحافظة على أصل « التوحيد الافعالي » ، لثبت
لهم أنّ كل فعل صادر من الإنسان مع أنّه فعل الله هو فعل الإنسان نفسه ، ومع أنّه
( أي الفعل البشري ) قائم بالله تعالى هو صادر من العبد نفسه أيضاً ، غاية ما في
الباب أنّ فاعليته تعالى بالقيومية وفاعلية البشر فاعلية مباشرية.
يقول الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام في كتاب له إلى أحد أصحابه :
« قال الله : يابن آدم بمشيئتي كنت ،
أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبقوتي أديت إليَّ فرائضي ، وبنعمتي قويت على
معصيتي ، جعلتك سميعاً ، بصيراً ، قوياً » [٣].
[٢] نعم أنّ أصحاب
الاعتزال قد أخذوا الأصلين الرئيسيين ( التوحيد والعدل ) عن خطب أمير المؤمنين عن
طريق محمد بن الحنفية وابنه أبي هاشم غير أنّهم لابتعادهم عن سائر أئمّة أهل البيت
لم يوفقوا إلى تفسير هذين الأصلين على النحو اللائق بهما إلى أن وجد فيهم أقوام
لهجوا بأنّ الله غير قادر على أفعال الإنسان إيجاداً واعداماً وهؤلاء هم القدرية
الحقيقية.