بالزمان ، فمن
الطبيعي أن لا تكون هذه الظاهرة في الأزمنة الأُخرى.
كما أنّ الجسم الذي يشغل حيزاً ومكاناً
معيناً من الطبيعي أن لا يكون في مكان وحيز آخر ، وهذا هو معنى « المحدودية ».
في هذه الصورة لا بد أن يكون وجود الله المنزّه
عن الزمان والمكان منزّهاً من هذه القيود المحدّدة.
وحيث لا يمكن تصوّر الزمان والمكان في
شأنه تعالى ، لزم وصفه سبحانه باللامحدودية من جانب الزمان والمكان.
وبتعبير آخر ، أنّ الشيء الذي يتصف
بالكم والكيف لابدّ وأن يكون محدوداً بحد ، إذ لازم اتصاف الشيء بكمية أو كيفية
معينة ، هو عدم اتصافه بكمية وكيفية أُخرى مضادة [١].
أمّا عندما يكون الشيء خالياً وعارياً
عن أي نوع من أنواع الكيفية والكمية ، بل يكون وجوده أعلى من الاتصاف بهذه الأوصاف
فإنّه يكون لا محالة « غير متناه » وغير محدود من هذه الجهات ، كما هو واضح
وبديهي.
إلى هنا استطعنا أن نثبت ـ ببيان واضح ـ
لا محدودية الذات الإلهية ، وقد حان الأوان أن نثبت المطلب الثاني ، أعني : عدم
إمكان تعدّد اللامحدود.
ب. اللامحدود لا يتعدّد
هذا أمر يتضح بأدنى تأمل ، لأنّنا إذا
اعتبرنا « اللامحدود » متعدداً فإنّنا
[١] لأنّ التكيّف
والاتصاف بالكيفيات والكميات والإضافات والانتسابات توجب للأشياء المحدودية
بالحدود ، والموجود العاري عن هذه القيود لا يتحدد بأي نوع من المحدودية ، والله سبحانه
منزَّه عن الكيف والكم ، منزَّه عن الانتساب والإضافة.