responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفاهيم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 17

فتذهب المدرسة الأُولى إلى أنّ الشمس والنار والسيف غير مؤثرة إطلاقاً ، وغير دخيلة مطلقاً في وجود النور والحرارة والقطع ، بل انّ عادة الله هي التي جرت على أن يوجد الله النور بعد طلوع الشمس ، والحرارة عند حضور النار ، والقطع عند حضور السيف ، وإن لم تكن لهذه الأشياء [ أي الشمس والنار والسيف ] أيّة مشاركة في إيجاد هذه الآثار ووقوعها.

ولا شك أنّ هذه النظرية مرفوضة في نظر العقل ومنطق القرآن [١].

فبينما تنفي مدرسة الأشاعرة دور العلل ومشاركتها رأساً ، تذهب المدرسة الثانية ( القائلة بالتوحيد الافعالي ) إلى الاعتراف بأنّه لا مؤثر حقيقي في الوجود إلاّ « الله » [٢] ولكن مع الاعتراف ـ إلى جانب ذلك ـ بدخالة « العلل » في إيجاد « الآثار » ، مستمدة هذه القدرة على التأثير من ذلك المؤثر الحقيقي الواحد ، ونعني « الله » سبحانه وتعالى.

ولهذا يغدو أي اعتقاد بالثنوية أو التثليث مرفوضاً في منطق هذه المدرسة.

وبهذا يتبيّن أنّ القائلين بأنّ الإنسان محتاج إلى الله في أصل وجوده ، ولكنه مستغن عنه تعالى في أفعاله ومستقل في تأثيره ، قد سقطوا في الشرك من حيث لا يعلمون ، ذلك لأنّهم بمثل هذا الاعتقاد يكونون قد اعترفوا ـ في الحقيقة ـ بمؤثرين أصيلين مستقلين غنيين وخرجوا بذلك عن إطار « التوحيد الافعالي » !!


[١] فالقرآن يصرح بتأثير العلل الطبيعية في معاليلها حيث يقول : ( يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأعْنَابَ ) ( النحل : ١١ ) فإنّ قوله ( بِهِ ) صريح في تأثير الماء في إنبات هذه الثمار ، وسيوافيك تفصيل القول في ذلك عند البحث في التوحيد الربوبي.

[٢] الاعتراف بوحدانية المؤثر في صفحة الوجود لا ينافي القول بتأثير العلل الطبيعية في معاليلها.

اسم الکتاب : مفاهيم القرآن المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 17
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست